تحليلات واراء

سقوط نظام الأسد في ميزان الربح والخسارة بالنسبة لإسرائيل

شكل سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، زلزالًا جيوسياسيًا يخلق فائزين وخاسرين في الشرق الأوسط وأثار تساؤلات بشأن تداعيات هذا التطور في ميزان الربح والخسارة بالنسبة لإسرائيل.

ورأت صحيفة نيويورك تايمز أن دولة الاحتلال بعد سقوط الأسد قد تستفيد من إضعاف أعدائها التقليديين، مثل إيران وحزب الله اللبنانيين، لكن رغم المكاسب الآنية، قد يشكل وجود نظام إسلامي وديمقراطي على حدودها تحديًا طويل الأمد.

وبحسب مراقبين أثارت عملية ردع العدوان في سوريا ونجاحاتها السريعة، وانهيار الجيش السوري، ثم سقوط نظام بشّار الأسد، قلقاً كبيراً في دولة الاحتلال عكسه عقد اجتماعات متتابعة، وإجراءات عسكرية متلاحقة.

وتحولت التطورات في سوريا إلى أولويةً قصوى لإسرائيل وعُقِدت اجتماعات متوالية للمجلس الوزاري المصغّر الذي اجتمع، بحسب صحيفة يسرائيل هيوم، في ليلتي الجمعة والسبت، مع توقّع اجتماعات أخرى لاحقة.

خطوات ميدانية إسرائيلية

سارع جيش الاحتلال إلى زيادة قواته في الجولان المحتل، وإرسال تعزيزاتٍ برّية وجوية إلى الفرقة 210 التي تسيطر على الحدود مع سوريا، حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة، ولمنع أيّ احتمالية للتسلّل إلى المستوطنات الإسرائيلية هناك.

وأمام المستجدّات التي تسارعت، وجدت “إسرائيل” نفسها بين متناقضين؛ أولهما أن المعركة في سوريا تزيد من مخاوف تل أبيب من أيديولوجيا قوى المعارضة التي سيطرت على سوريا، ويغلب على قيادتها “الطابع الجهادي”، والتي يصعب توقّع موقفها المستقبلي تجاه مرتفعات الجولان، ومن ثم احتمالية انتقال التوتّر في المستقبل إلى هذه المنطقة.

وكان معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب قد نشر مقالاً في 2 ديسمبر/ كانون الأول الحالي عن دلالات الهجوم المفاجئ للمعارضة السورية، ومآلاته المحتملة على “إسرائيل”.

ورأى المقال الذي كتبه باحثون في المعهد، أن تركيا هي من أعطت الضوء الأخضر لقوى المعارضة المسلّحة، فضلاً عن تقديمها دعماً عسكرياً ولوجستياً واقتصادياً لفرض شروطها على الدول المتدخّلة في سوريا، وتقليص المناطق التي تسيطر عليها قوى كردية مدعومة أميركياً، ومناوئة لأنقرة في الشمال الشرقي لسوريا، علاوة على رغبتها في حلّ مشكلة اللاجئين السوريين في تركيا البالغ عددهم 3.5 ملايين لاجئ.

وقد سارت التوقّعات الإسرائيلية في اتجاهين متناقضين. فمن ناحية، لا يمكن إنكار أن سقوط الأسد يعدّ ضربة قاسية لإيران ووكلائها، فضلاً عن روسيا، كما أنها (أي إيران) ستسحب ما تبقّى من قواتها من البلاد.

يضاف إلى ذلك قطع طرق إمداد حزب الله، فضلاً عن أن وجود نظام سوري جديد مناهض لإيران يمثّل تهديداً مباشراً للمليشيات الشيعية في العراق، وهذا كلّه يعني أن تركز إيران على أمنها المباشر، وتصبح منشغلة عن إسرائيل.

مخاطر محتملة

ثمة مخاطر تخشاها “إسرائيل” إذ ستضع سيطرة جماعات جهادية على سورية تحت أيديهم مخزونات كبيرة من الأسلحة؛ منها طائرات مقاتلة؛ خاصّة أن المعارضة السورية استولت على عدة مطارات عسكرية، فضلاً عن الأسلحة الكيميائية، ما يمثّل تهديداً خطيراً لإسرائيل.

ولهذه الأسباب، أعلنت دولة الاحتلال التي قصف مقاتلاتها بعض مخازن الأسلحة الكيميائية في سوريا، ربما تزيد من هذه الضربات في الفترة المقبلة.

بمعنى آخر؛ لم يكن النظام السوري هو نفسه مصدر القلق لإسرائيل، بل ارتباطاته بالنظام الإيراني وحزب الله، فقبل الثورة، لم تكن سوريا تمثّل تهديداً لإسرائيل، ولم يكن النظام يردّ على أيّ هجمات إسرائيلية على الإطلاق، وتعمّق هذا أكثر بعد سبّب النظام السوري عسكرة الثورة واندلاع الحرب بين النظام والمعارضة.

ومن ثم، تخشى “إسرائيل”، من الاحتمالات المجهولة المقبلة، فكان الاختيار لديها بين عدو ضعيف معروف وعدو محتمل مجهول تقوده قوات ذات أيديولوجيا إسلامية.

وهذا العدو الجديد، وإن كان محكوماً في الوقت الحالي بحسابات الداعمين له، قد يسعى مستقبلاً إلى بناء قوته والتفكير في تحرير الجولان المحتلّ، التي كانت خارج حسابات نظام الأسد.

وأمام هذه التحدّيات قد تحتل دولة الاحتلال الإسرائيلي شريطاً جديداً محاذياً لهضبة الجولان، وتتذرّع بأن ما تفعله تكتيك دفاعي لحماية حدودها وتقنع الأميركيين بذلك.

وما حقّقته المعارضة السورية، يثير مخاوف أخرى كبيرة وحقيقية لإسرائيل في حال عدم تقيّدها برغبة الداعمين لها، ويمكن أن لا يهدف تعزيز قوات الاحتلال في الحدود مع سورية إلى تأمين الحدود فحسب، بل لا يستبعد أن يتحول تهديداً جدّياً للمعارضة السورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى