أكد الناشط السياسي غسان السعدي أن الهجوم الذي تنفذه قوات الاحتلال في مخيم جنين شمال الضفة الغربية يُعدّ سابقةً، حيث يحدث لأول مرة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.
وذكر السعدي أن الأجهزة الأمنية كانت تنسحب في السابق إلى مقراتها أثناء الاقتحامات، لكن في هذه العملية، استمر التنسيق على بُعد كيلومتر واحد فقط من مناطق استهدفتها قوات الاحتلال.
وأشار السعدي إلى أن الاحتلال فشل في اعتقال أي مطلوب من المطاردين في جنين، بينما قامت الأجهزة الأمنية الفلسطينية باعتقال ثلاثة شبان من المخيم وبلدة قباطية، في مشهد يعكس وجود دور تكاملي بين الطرفين.
التنسيق بين السلطة والاحتلال
ويرى المعارض السياسي فايز السويطي أن ما يجري في جنين يعكس تنسيقًا كاملاً بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، بهدف تحقيق مكاسب ضيقة على حساب الشعب الفلسطيني.
واتهم السويطي السلطة بممارسة دور يتجاوز التنسيق الأمني التقليدي إلى المشاركة المباشرة في ملاحقة المقاومة، واصفًا ذلك بأنه جزء من مخطط تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية بالكامل.
ودعا السويطي إلى رفض سياسات السلطة وممارساتها، ورفع الصوت ضد دورها في دعم جرائم الاحتلال.
التحول في دور أجهزة السلطة
وكتب الباحث السياسي زياد ابحيص أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تمر بمرحلة تحول خطير، إذ انتقلت من التنسيق الأمني إلى المشاركة العملياتية في عمليات الاحتلال، وهو ما اتضح بجلاء خلال العملية العسكرية المستمرة منذ ديسمبر 2024 في مخيم جنين.
وأشار ابحيص إلى أن هذه الأجهزة باتت تُنفّذ أدوارًا تتماشى مع عقلية الاحتلال في استهداف المقاومة وحاضنتها الشعبية، مشبّهًا ذلك بأدوار الميليشيات التي عملت لصالح الاحتلال في جنوب لبنان.
وتساءل: “هل دخلنا مرحلة جديدة من الدور الوظيفي للأجهزة الأمنية؟ وهل أصبحت هذه التشكيلات ميليشيات تابعة مباشرة لإسرائيل؟”
وأوضح ابحيص أن الشرعية الوطنية للأجهزة الأمنية الفلسطينية أصبحت موضع تساؤل، خاصة مع انسداد أفق التسوية السياسية، وزيادة تغوّل الاستيطان في الضفة الغربية.
وأكد أن هذه الأجهزة منذ تأسيسها كانت معادية للمقاومة، حيث صاغت الولايات المتحدة عقيدتها الأمنية لضمان عدائها لأي نشاط مقاوم.
كما أشار إلى حالات فردية نادرة لأفراد انشقوا عن هذا التيار، وانضموا إلى المقاومة، مثل الشهيدين أحمد علاونة وأحمد عابد، لكنه أكد أن هذه الحالات تُعتبر “تمردًا” على العقيدة الأمنية التي أُسست برعاية أمريكية.
المقاومة في الضفة
واعتبر المعارض السياسي فايز السويطي أن التنسيق بين السلطة الفلسطينية والاحتلال يتم مقابل مكاسب بسيطة، في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من التهجير والقمع.
وأوضح أن هذه السياسات تهدف إلى القضاء على المقاومة، مطالبًا بضرورة مواجهة هذا الدور المشبوه.
وفي السياق، أكد أمين عام حركة المبادرة الوطنية، مصطفى البرغوثي، أن العملية العسكرية التي ينفذها الاحتلال في جنين لن تنجح في القضاء على المقاومة، تمامًا كما فشلت الحروب السابقة في غزة في تحقيق أهدافها.
وأضاف أن سياسة تدمير المنازل وتهجير السكان هي جرائم تطهير عرقي يجب على المجتمع الدولي التحرك لوقفها.
وطالب البرغوثي السلطة الفلسطينية بالعودة إلى صف الشعب، وتنفيذ خطوات جادة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، مشددًا على أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون وسيطًا نزيهًا في أي مفاوضات.