الغارديان تدعو إلى استخدام التدخل العسكري لوقف الإبادة الجماعية في غزة

دعت صحيفة الغارديان البريطانية إلى ضرورة التدخل العسكري الفوري لوقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف.
وشددت الصحيفة على خطورة مأساة المدنيين الفلسطينيين، مشيرة إلى تحذير الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في 20 مايو/أيار، الذي أكد أن 14 ألف رضيع في غزة سيموتون ما لم يُرفع الحصار فورًا.
وأشارت إلى أنه في مقابل هذا الواقع المأساوي، سجلت تصريحات متطرفة على لسان عضو الكنيست السابق موشيه فيجلين، الذي قال: “كل طفل في غزة عدو”.
في ظل هذا التصعيد، يلوح قادة العالم في المملكة المتحدة وفرنسا بإجراءات “ملموسة” غير محددة لوقف التصعيد الإسرائيلي، لكن الصحيفة ترى أن هذه الخطوات غير كافية، وترى أن كلمات القادة لن تنقذ حياة أطفال غزة.
أعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الأسبوع الماضي: “نحن ندمر كل شيء في غزة، والعالم لا يوقفنا”.
وردا على ذلك قالت الغارديان إن التدخل العسكري لوقف هذه المأساة ليس فقط مبررًا، بل ضروريًا وإنسانيًا. لقد فات الأوان لإجراءات ضعيفة. آن الأوان لإيقاف العدوان الإسرائيلي بشكل فعال وفوري.
إنشاء منطقة حظر جوي وتحالف دولي لإنقاذ غزة
تدعو الصحيفة إلى فرض منطقة حظر جوي على قطاع غزة لمنع استمرار القصف الجوي، وتشكيل تحالف دولي لتأمين ممرات إنسانية تتيح وصول المساعدات الحيوية وإنهاء السيطرة الاستعمارية الإسرائيلية التي تستهدف استيلاء على 65% من أراضي القطاع.
وأبرزت أن التدخل العسكري هنا لا يهدف فقط إلى وقف القتل، بل إلى حماية حق الفلسطينيين في الوجود، والكرامة، والسيادة، والسيطرة على مستقبلهم.
ولفتت إلى أنه على مدار 19 شهرا الأخيرة، تصاعدت الأزمة الإنسانية في غزة إلى مستويات غير مسبوقة. مع استمرار الحصار وعمليات القصف، تدهورت الأوضاع المعيشية بشكل كارثي.
وأوضح مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن السماح بدخول “كمية أساسية من الغذاء” يأتي ليس من باب الرحمة، بل كوسيلة لمنع المجاعة من تعطيل الحملة العسكرية البرية المرتقبة، حيث تسعى القوات الإسرائيلية إلى تأمين أرضية للقضاء على المقاومة الفلسطينية والمساعدات الإنسانية تستخدم كأداة ضغط للنزوح والتطهير العرقي، لا كسبل إنقاذ حياة.
كما أن نتنياهو أشار صراحة إلى أن الضغوط الدولية – خصوصًا من بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي والبيت الأبيض – تدفع إسرائيل إلى إظهار مظهر الالتزام الإنساني، لكنه لا يعني توقف الهجمات أو رفع الحصار. خطاب نتنياهو في أكتوبر 2023، الذي وصف فيه “شعب غزة بأكمله” بأنه “شر لا بد من استئصاله”، يؤكد النوايا الحقيقية خلف العملية العسكرية.
ونبهت الغارديان إلى أن دولة الاحتلال لم تخفِ بعد ذلك نيتها، بل سمت حملتها “عربات جدعون”، في إشارة إلى طوفان توراتي مقدس، مصورة إياها كـ”فتح عادل” يبرر الإبادة الجماعية. بينما العالم الغربي يتفرج، تستمر المآسي في التفاقم.
المساعدات الإنسانية: وعود بلا تنفيذ
في مواجهة هذه الكارثة، لم تتوقف الدعوات الإنسانية والقانونية عن المطالبة بوقف العدوان وفتح الممرات. لكن ما يحدث فعليًا هو استمرار الحصار، وتقويض القانون الدولي، الذي يبدو عاجزًا عن حماية المدنيين الفلسطينيين.
فالمساعدات لا تصل إلا بكميات رمزية، وقوافل الإغاثة تقصف، وتتعرض فرق الإنقاذ للخطر.
تجربة الفلسطينيين تعكس حالة يأس عميقة، إذ كتبوا العرائض، ونظموا احتجاجات سلمية، وقدموا الأدلة على الانتهاكات، وشاهدوا القانون الدولي يُذكر فقط كأحكام لا تُنفذ، بينما الآلات الحربية الأمريكية تغذي النزاع بعتادها.
مبدأ مسؤولية الحماية
القانون الدولي يشدد على مسؤولية المجتمع الدولي في حماية المدنيين من الإبادة الجماعية، كما ينص مبدأ مسؤولية الحماية (R2P) المعتمد من الأمم المتحدة عام 2005. هذا المبدأ يلزم الدول بالتدخل عند فشل الدولة في حماية مواطنيها أو عند محاولتها تدميرهم.
تاريخيًا، شهد العالم تدخلات ناجحة في حالات مثل كوسوفو، وتيمور الشرقية، وليبيا، حيث اعترف المجتمع الدولي بأن القوة العسكرية أحيانًا هي الوسيلة الوحيدة لوقف المجازر.
غير أن الغارديان تتساءل: لماذا لا يتم تطبيق هذه المبادئ في غزة الآن؟ لماذا يستمر الصمت الدولي رغم سقوط عشرات الآلاف من القتلى المدنيين، خصوصًا الأطفال والرضع؟
التدخل العسكري كوسيلة إنقاذ
الصحيفة تؤكد أن التدخل العسكري ليس عنفًا بل وسيلة لوقف العنف، وأنه تطبيق حقيقي للقانون الدولي بعد فشل كل الوسائل السلمية والديبلوماسية. الدعم العسكري يجب أن يرافقه فتح ممرات آمنة لوصول المساعدات، وضمان أمن المدنيين، ورفع الحصار الذي يقتل الأطفال جوعًا وعطشًا.
الخطر حقيقي وفوري: 14 ألف رضيع يواجهون الموت إذا لم تُرفع القيود عن غزة. على الأمم المتحدة وقوات حفظ السلام أن تتحرك بلا تردد.
في الختام، حذرت الغارديان من أن لغة الدبلوماسية التي تحولت إلى تواطؤ لن تنقذ غزة من الكارثة. أمام المجتمع الدولي خياران: إما التدخل الفعلي لوقف الإبادة الجماعية، أو الاستمرار في الصمت والمساهمة غير المباشرة في موت آلاف الأبرياء. وإلى حين اتخاذ هذا القرار، تستمر مأساة غزة في البث المباشر، حيث يرى العالم بأسره كيف يُقتل شعب بأكمله، ويُحرم من أبسط حقوقه الإنسانية.