أسقط حي الزيتون في مدينة غزة خطط رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لتهجير أهالي قطاع غزة وخاصة مدينة غزة وشمالها وكسر إرادة المقاومة وتفكيك كتائبها.
نشأة الحي
الحي الذي استمد اسمه من رمز التجذر الفلسطيني في أرضه “شجرة الزيتون” نجح مراراً في كل معاركه السابقة مع الاحتلال الإسرائيلي، في توجيه ضربات قوية للاحتلال.
ومنذ إطلاق فصائل المقاومة الفلسطينية معركة “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، برز حي الزيتون كميدان صدام والتحام مباشر بين إرادة الصمود والتحدي الفلسطينية ورفض التهجير والاستبسال في القتال والمقاومة، وبين مخططات الاحتلال في تهجير الفلسطينيين وكسر وتفكيك كتائب المقاومة.
ويعد حي الزيتون أكبر أحياء مدينة غزة، من حيث المساحة، وتعداد السكان، ويمتد من قلب المدينة القديمة باتجاه الجنوب حتى “ما بات يعرف بمحور نتساريم” وشرقا حتى “الحدود مع الأراضي المحتلة عام 48”.
ويمثل الحي الذي يعود تاريخه لما قبل التاريخ، خزانا كبيراً لأعلام الشعب الفلسطيني والأمة مثل الإمام محمد بن ادريس الشافعي، والشاعر الكبير هارون هاشم رشيد، والطفل الشهيد فارس عودة أحد رموز انتفاضة الأقصى.
وعلى مدار سنوات الاحتلال الإسرائيلي لمدينة غزة، شهد الحي مواجهات مستمرة، وبرز كأحد أهم ميادين الانكسار العسكري الإسرائيلي بعد أن طاف أطفال الحي برؤوس الجنود الإسرائيليين الذين قتلتهم المقاومة في تفجير ناقلة جند عام 2004 وتناثرت أشلائهم على مساحة واسعة من الحي.
كما فشل الإرهاب الإسرائيلي في كي وعي المواطنين في حي الزيتون حي ارتكب مجزرة عائلة السموني عام 2008، والتي خلدها الشاعر تميم البرغوثي في قصيدته “نفسي الفداء لكل منتصر حزين”.
حي الزيتون في طوفان الأقصى
في معركة طوفان الأقصى، وبعد أن اجتاز المقاومون الحدود والحواجز العسكري الإسرائيلية على طول شرق وشمال قطاع غزة، ومنها الحدود شرق الزيتون، تعرض الحي لهجمات جوية إسرائيلية مركزة.
هدف الهجوم الإسرائيلي على حي الزيتون لتحقيق هدفين أساسيين، سيتبين لاحقا أنهم يشكلان أبرز الأهداف الإسرائيلية من العدوان على غزة.
الهدف الإسرائيلي الأول: تهجير السكان ودفعهم باتجاه جنوب القطاع، تمهيدا لطردهم إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وعمل الاحتلال على ذلك ببث رسائل تهديد تطالب السكان بالنزوح الاجباري تجاه الجنوب، وتكثيف قصف تجمعات السكان والنازحين، وارتكاب مجزرة المستشفى المعمداني في 17 أكتوبر، التي لجأ إليها سكان الحي.
والهدف الإسرائيلي الثاني: القضاء على كتائب القسام وتشكيلات المقاومة الأخرى في حي الزيتون، وتفكيكها، عبر التوغل البري المباشر والذي بدأ فعلا بعد ذلك بأيام “في 27 أكتوبر 2023″، باتجاه “محور نتساريم”.
فشل القضاء على المقاومة
وعلى مدار 11 شهرا من العدوان المستمر، ركز الاحتلال الإسرائيلي كل قوته العسكرية وخططه الأمنية، لتحقيق الهدفين “التهجير، والقضاء على المقاومة” في حي الزيتون.
وتمركزت دبابات الاحتلال في أطراف الحي الجنوبية والشرقية، ونفذت أكبر عدد من التوغلات البرية في مساعي للقضاء على المقاومة التي نجحت في صدها جميعا والاستمرار في تنفيذ الهجمات المميتة والقاتلة ضد جنود الاحتلال.
المقاومة الشرسة في حي الزيتون، أجبرت الناطق باسم جيش الاحتلال على الاعتراف بصعوبة المعارك مع المقاومة، فيما قال الجنود للصحافة العبرية إنهم يقاتلون أشباحا لا يمكن رؤيتهم.
وبعد أن تمترس نتنياهو بأهمية بقاء الجيش في محور نتساريم، زاد جيشه الضغط العسكري على الحي الذي تنطلق منه معظم هجمات المقاومة على المحور.
وبدأ جيش الاحتلال منذ 11 يوما محاولة لتوسيع التوغل البري في الحي، وصولا إلى ما بعد شارع 8، ودوار دولة، إلا أن تنفيذ المقاومة لعملياتها في الخطوط الخلفية للجيش وفي عمق المنطقة التي يتمركز فيها الجيش “عملية مسجد عليين” وعملية مسجد علي بن أبي طالب”، أحبط أهداف الجيش، ودفع الجنرالات لإعلان استحالة تأمين المحور أو القضاء على المقاومة في المنطقة.
فشل التهجير
وفيما يتعلق بهدف الاحتلال تهجير سكان غزة وحي الزيتون، عملت قوات الاحتلال على ضرب كل المرافق المعيشية والخدمية في الحي، وارتكاب المجازر لكسر إرادة الصمود لدى المواطنين.
وارتكبت قوات الاحتلال مجازر عديدة في الزيتون، بينها مجزرة المستشفى المعمداني، ومجازر مدرسة الفلاح، وصفد، ومدرسة جعفر، ومجزرة دوار الكويتي، ومجازر الطحين، التي قتلت فيها المواطنين الساعي للحصول على الطحين والمساعدات الغذائية، ومجزرة عائلة أبو زور، وعائلة كشكو.
كما سعى الاحتلال لتأليب عائلات الحي على المقاومة، بعد أن جوع الفلسطينيين، وحاول ابتزازها بمقايضة “الخبز” مقابل رفض حماس والمقاومة، لكنه فشل فشلا ذريعا.
الفشل الإسرائيلي عبر عنه أحد المشاركين في الوفود التي التقت وجهاء عائلات الحي، حينما نقل لقادة الاحتلال رد مختار إحدى كبرى عائلات الزيتون على الطلبات الإسرائيلي بقوله: “حماس والمقاومة ولادنا.