بينما تغيب الشمس عن قطاع غزة باكرًا في فصل الشتاء، يحمل غيابها أثرًا أعمق من مجرد الظلام.
هنا، حيث أصبحت أشعة الشمس مصدر الحياة الوحيد للطاقة، يشكل غيابها أزمة حقيقية تزيد من معاناة السكان، الذين يعيشون في ظل حربٍ لا تترك لهم خيارًا سوى الاعتماد على ألواح الطاقة الشمسية لشحن هواتفهم وأجهزتهم، وإبقاء بصيص من التواصل مع العالم الخارجي.
سباق مع الزمن لشحن الأجهزة
نجوى علاء طالبة هندسة من دير البلح وسط قطاع غزة، تخوض سباقًا يوميًا مع الزمن، وفي إحدى المرات، كادت تفقد فرصة إرسال امتحانها الإلكتروني بسبب بطارية هاتفها المنخفضة وضعف الإنترنت.
قالت علاء “كلما غابت الشمس أشعر بالإحباط، فغيابها يعني توقف جهاز الطاقة، الذي يعتمد عليه الجميع للحصول على الكهرباء”.
مع توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع وتعطل جميع الخطوط، لم يتبقَ لنجوى وغيرها من الطلاب سوى الأمل بأن تشرق الشمس لساعاتٍ كافية.
ومع ذلك، يظل الإنترنت المتقطع حاجزًا أمام إتمام مهامها الدراسية.
مبادرات بسيطة وسط الأزمة
محمد علي، أحد سكان خان يونس، وجد في الطاقة الشمسية فرصة لتحسين واقعه وواقع جيرانه.
قام بتحويل محله التجاري، الذي بات خاليًا من البضائع، إلى نقطة شحن متنقلة. قال علي: “ما أن تظهر الشمس حتى أبدأ باستقبال الأجهزة لشحنها مقابل مبالغ بسيطة، إضافة إلى غسالة ملابس يستخدمها السكان بمقابل رمزي”.
وتحولت مبادرته إلى نموذج يلهم آخرين، إلا أن ضعف الإمكانيات يجعل الكثيرين يتوقفون عن العمل بمجرد غياب الشمس، تاركين السكان في مواجهة أخرى مع الظلام.
صراعات الطلاب
أسيل أحمد طالبة مختبرات في جامعة الأقصى، عاشت لحظة صعبة عندما اضطرها انقطاع الكهرباء والإنترنت إلى مغادرة منزلها ليلاً وسط الأجواء الخطرة.
قالت: “لم أتردد في الخروج مع والدي بحثًا عن إنترنت لإرسال امتحاني، الرسوب كان يعني ضياع جهودي الدراسية”.
أما الصحفي عبدالله حسن، الذي يعتمد على الإنترنت والكهرباء لنقل الحقيقة للعالم، يجد نفسه في مواجهة يومية مع المخاطر.
أضاف: “أقطع مسافات طويلة للوصول إلى أماكن فيها شبكة إنترنت قوية، رغم استهداف الاحتلال المتكرر لتجمعات المواطنين، سواء كانت أمام مقاهي الإنترنت أو نقاط الشحن”.
الأمل في ضوء الشمس
مع تدمير الاحتلال أبراج الإرسال وخطوط الكهرباء، أصبح الاعتماد على الطاقة الشمسية أمرًا لا مفر منه في قطاع غزة.
ومع ذلك، يبقى الشتاء قاسيًا بغياب الشمس والأمطار الغزيرة التي تعطل ألواح الطاقة.
ويحلم سكان غزة بأن تستمر الشمس في السطوع، ومع استمرار الحرب، يبقى اعتمادهم على ضوء الشمس شاهدًا حيًا على صمودهم في وجه الظلام الذي يخيم على حياتهم.