تحليلات واراء

بهاء بعلوشة.. أداة الاحتلال القذرة لتهجير غزة

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، استنفدت تل أبيب كل أدواتها العسكرية والسياسية لتهجير المواطنين الفلسطينيين وإجبارهم على النزوح الجماعي، واستخدمت في سبيل ذلك أدوات التحريض القذرة متمثلة بأعضاء شبكة أفيخاي.

أحدث الأمثلة جاء من بهاء بعلوشة، أحد مسؤولي جهاز المخابرات التابع للسلطة الفلسطينية، حين خرج علنًا يدعو سكان غزة إلى النزوح قائلاً: “خذوا ما استطعتم وتحركوا”.

كلمات تبدو للوهلة الأولى عاطفية، لكن مضمونها مطابق تمامًا للبيانات التي يلقيها جيش الاحتلال قبل قصف الأحياء السكنية. الفرق الوحيد أن الرسالة هذه المرة تأتي بلسان “فلسطيني”، ما يضاعف خطورتها ويكشف حجم التواطؤ مع مخططات التهجير.

من هو بهاء بعلوشة ؟

بهاء بعلوشة لم يكن يومًا صوتًا للناس. فقد فرّ من قطاع غزة عام 2007 مع انهيار الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة عقب أحداث الانقسام، لكنه ظل على ارتباط وثيق بدوائر القرار الأمني في رام الله. منذ ذلك الحين، تحول إلى ذراع أمنية تخدم أجندة الاحتلال عبر بوابة السلطة.

وتتحدث مصادر فلسطينية متطابقة عن أن بعلوشة أدار شبكات تجسس واسعة تحت مظلة الأجهزة الأمنية، جند خلالها عناصر من أصحاب السوابق، وتجار المخدرات، وأفرادًا مرتبطين بتنظيم “داعش”. الهدف كان زرع خلايا في غزة تحت شعارات مضللة مثل “الاحتجاجات الشعبية”، بينما كانت حقيقتها أدوات تخريب لتمرير خطط الاحتلال.

والخطة الأبرز التي عمل عليها بعلوشة تمثلت في تجويع المدنيين عبر تجنيد مرتزقة مثل ياسر أبو شباب ومحمد الخزندار، محاولا دفع المواطنين إلى الانفجار في وجه المقاومة بدل الاحتلال، أو القبول بأي حلول تسوّقها السلطة بحجة “إنهاء المعاناة”.

بهذا الأسلوب، تتحول المعاناة اليومية في غزة من حصار وجوع إلى وقود يُستثمر ضد المقاومة نفسها، في انسجام مباشر مع أهداف إسرائيل التي فشلت في تحقيقها بالقوة العسكرية.

هنا تتضح خطورة الدور: إنه ليس مجرد تحريض إعلامي، بل إدارة شبكة متكاملة تضرب البنية الاجتماعية والأمنية للقطاع من الداخل.

وحين يدعو بعلوشة الفلسطينيين إلى النزوح، فإنه لا يفعل أكثر من ترديد ما يقوله ضباط جيش الاحتلال عبر مكبرات الصوت ورسائل التهديد. لكنه يزيد على ذلك أنه يحاول إضفاء “شرعية فلسطينية” على هذه الدعوات، ما يجعلها أكثر خطورة على وعي الناس وصمودهم.

شبكة أفيخاي ويكيبيديا

المهمة التي فشل الاحتلال في إنجازها بالقصف والقتل، يحاول إنجازها عبر أدوات محلية: إقناع الناس أن لا جدوى من البقاء في بيوتهم، وأن النزوح هو الحل الأقل كلفة.

ويؤكد مراقبون أن هذا الخطاب يلتقي مباشرة مع هدف تل أبيب في تفريغ القطاع من سكانه وتحويله إلى منطقة منكوبة بلا حياة.

وبعلوشة ومن يدور في فلكه يدركون أن مفتاح صمود غزة هو المقاومة. لذلك، تأتي كل محاولاتهم موجهة نحو شيطنتها أو دفع الناس للانقلاب عليها.

عبر التحريض الإعلامي أو عبر أذرع التخريب الميداني، يسعى لإقناع الناس بأن المقاومة هي سبب الكارثة، بينما يتجاهل أن الاحتلال هو من قصف البيوت، وهدم المستشفيات، ومنع الغذاء والدواء.

وهذه السردية، التي تتطابق مع خطاب الاحتلال، ليست إلا حلقة من حلقات مشروع سياسي أوسع: إعادة إدخال غزة في قبضة السلطة، ولو على أنقاضها.

شراكة مكشوفة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال

يثبت التاريخ الحديث أن الاحتلال يبحث دائمًا عن وكلاء محليين لتسهيل مهامه. وفي الحالة الفلسطينية، وفرت بعض الأجهزة الأمنية في الضفة غطاءً لمثل هذه الأدوار.

بهاء بعلوشة مثال صارخ على هذه الحقيقة: مسؤول أمني يقدّم نفسه كفلسطيني “حريص على الناس”، بينما يمارس أدوارًا تصبّ في خدمة الاحتلال، من التجسس إلى التحريض على النزوح.

إنه نموذج للخيانة السياسية والأمنية، حيث تتحول المعاناة الفلسطينية إلى ورقة تفاوض وابتزاز، وتُستثمر تضحيات الناس لتثبيت مشروع لا يخدم إلا إسرائيل ومن يدور في فلكها.

لكن الحقيقة أن الدعوات المشبوهة من أمثال بعلوشة لم تلقَ صدىً واسعًا بين أهل غزة، الذين خبروا على مدار عقود أن كل محاولات التهجير تبدأ بكلمات منمقة وتنتهي بنكبات تاريخية. صمودهم اليوم هو الرد الأقوى على الاحتلال وأدواته، وهو ما يجعل مشروع التهجير، مهما تنوعت وجوهه، مصيره الفشل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى