تحليلات واراء

وليد أبو جياب: أداة دعائية في شبكة “أفيخاي” وتحريض دائم ضد المقاومة

يمثل وليد أبو جياب أداة دعائية رخيصة في شبكة “أفيخاي” في سياق الحرب النفسية التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته في خضم حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة.

على مدار أشهر حرب الإبادة، فإن أبو جياب تحوّل من ناشط مغمور إلى واجهة ناطقة باسم السردية الإسرائيلية، مستخدمًا أدوات التواصل الاجتماعي لمهاجمة فصائل المقاومة الفلسطينية والتشويش على الرواية الوطنية.

نشأة وليد أبو جياب وسيرته

ولد وليد أبو جياب في محافظة رفح جنوبي قطاع غزة في تسعينيات القرن الماضي، ونشأ في بيئة مجتمعية محافظة عايشت الحصار والحروب المتكررة على القطاع.

تخرّج من جامعة فلسطينية محلية، وتخصّص في الإعلام أو العلاقات العامة – وفق ما ورد في مقابلاته الشخصية على بعض المنصات – لكنه لم يعرف له نشاط بارز في الصحافة التقليدية، بل اقتصر حضوره في بداياته على النشر في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي.

مع تصاعد الاهتمام الإسرائيلي باستخدام وسائل الإعلام الجديدة كساحة للحرب الدعائية، وجد أبو جياب مكانه الطبيعي ضمن خطاب موجّه للفلسطينيين بلغتهم، لكنه يلبّي أولويات الاحتلال.

ومن هنا بدأ بالظهور في حسابات تحمل طابعًا “مدنيًا” أو “حقوقيًا”، رغم أن محتواه لم يكن يومًا سوى امتداد للآلة الإعلامية التي يقودها الاحتلال.

من النشاط المدني إلى التحريض

في البداية، حاول أبو جياب أن يقدّم نفسه كناشط مستقل يعبّر عن “رأي حر”، منتقدًا أوضاعًا معيشية أو قرارات حكومية في غزة.

لكن سرعان ما انكشف الخطاب الممنهج الذي يتبنّاه، إذ بدأ بالانزلاق العلني نحو التحريض على فصائل المقاومة الفلسطينية، وفي مقدّمتها كتائب القسام وسرايا القدس، مستخدمًا خطابًا هجوميًا حادًا لا يختلف كثيرًا عن مضمون نشرات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.

لم يكتفِ أبو جياب بنقد الأداء السياسي أو النقاش الفكري، بل تحوّلت منشوراته إلى سلسلة من الاتهامات والشتائم والتحريض المباشر ضد من يعتبرهم “مَن يتحمّلون مسؤولية الحروب والدمار”، في إعادة إنتاج حرفي لرواية الاحتلال التي تحمّل المقاومة مسؤولية المجازر التي يرتكبها جيشه.

وفي عدة منشورات، ذهب إلى تبرير القصف الإسرائيلي على مواقع المقاومة، معتبرًا أنه “رد طبيعي على أفعال غير محسوبة”، أو محاولًا تصوير المقاومين كـ”مغامرين” يضحّون بحياة الناس من أجل أجندات حزبية – وهي ذات العبارات التي يروّج لها أفيخاي أدرعي وفريقه عبر كل المنصات.

نماذج من مواقفه التحريضية

تحريضه خلال عدوان مايو 2021: كتب أبو جياب آنذاك منشورًا قال فيه إن “المقاومة حمّلت غزة فوق طاقتها، وخاضت معركة خاسرة”، في الوقت الذي كانت فيه طائرات الاحتلال تدمّر الأبراج السكنية وتقتل العائلات. لم يذكر الجرائم الإسرائيلية، بل صبّ جام غضبه على “العقلية الميليشياوية” – في إشارة إلى فصائل المقاومة.

في العدوان المستمر منذ 7 أكتوبر 2023: استغل أبو جياب حجم الدمار الهائل في القطاع ليطالب بـ”نزع سلاح الفصائل”، معتبرًا أن “الشعب ضحية لمغامرات مسلحة لا تراعي الواقع”، وهو ما اعتُبر موقفًا خادمًا تمامًا لسردية الاحتلال الذي يربط أي تهدئة أو مساعدات بإنهاء وجود المقاومة.

هجومه على الشهداء: في منشور صادم، كتب أبو جياب تعليقًا على استشهاد عدد من قادة القسام: “كانوا السبب، ودفعوا الثمن”، في لغة تلغي صفة النضال والشهادة عن من يقاتلون في الصفوف الأمامية، وتحوّلهم إلى مجرمين وفق منطق الاحتلال.

محاولات بث الفتنة الداخلية: كرّر أبو جياب في منشوراته الدعوة إلى تحميل حكومة غزة (المقاومة) كامل المسؤولية، داعيًا إلى “حسم شعبي” و”تحرّك داخلي يطيح بمن يقرر الحرب دون تفويض”، في إشارات مبطّنة للانقلاب على المقاومة، وهو ما يتماشى حرفيًا مع أهداف الاستخبارات الإسرائيلية في شق الصف الداخلي.

شبكة أفيخاي و”إدارة الرأي العام”

لا يمكن فصل نشاط أبو جياب عن الشبكة الأوسع التي ينتمي إليها. فهو – كسائر أعضاء “شبكة أفيخاي” – يشكّل ضلعًا في مثلث الحرب النفسية: تزييف الواقع، شيطنة المقاومة، وتلميع الاحتلال. وتقوم هذه الشبكة على توظيف شخصيات فلسطينية لتسويق خطاب الاحتلال بلغة محلية، ما يجعل المحتوى أكثر قابلية للتداول في أوساط فلسطينية وعربية.

وتشير تحقيقات إعلامية إلى أن هذه الشبكة تعمل بتنسيق مباشر مع أجهزة الاحتلال الإعلامية والأمنية، ويُرجّح أنها تتلقى توجيهات دورية لضبط الخطاب بما يخدم أولويات المرحلة: تارة التحريض على المقاومة، وتارة ترويج الفتنة الداخلية، وتارة تسويق مشاريع إعادة الإعمار بشرط “نزع السلاح”.

وظيفة تخدم الاحتلال

وليد أبو جياب، كما سائر أدوات شبكة أفيخاي، لم يعد مجرد ناقد سياسي أو صاحب رأي مختلف، بل تحوّل إلى بوق دعائي للاحتلال الإسرائيلي، يوظف أدوات التواصل الاجتماعي لإضعاف الجبهة الداخلية الفلسطينية، وترويج خطاب استسلامي يُجرّم المقاومة ويفتح الباب أمام مشاريع الاحتلال في غزة. وكل منشور له هو رصاصة دعائية في جسد الصمود الفلسطيني.

إن مواجهة أمثال أبو جياب لا تكون فقط بالرد عليه، بل بفضح السياق الذي يعمل فيه، وكشف علاقاته، وتحصين الرأي العام الفلسطيني من التأثر بهذا الخطاب الناعم ظاهريًا، والخبيث في جوهره. فالمعركة اليوم ليست فقط على الأرض، بل في العقول، وأمثاله هم أدوات الاحتلال في هذه المعركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى