تحليلات واراء

وليد إسماعيل… داعية على منبر التطبيع والتحريض ضد المقاومة

في مشهد يعكس حجم الاختراق الإسرائيلي للفضاء الإعلامي والديني العربي، يواصل الداعية المصري وليد إسماعيل تصدّر واجهة من يُسخّرون منابرهم لخدمة الرواية الصهيونية، متطابقًا في لغته وخطابه بشكل شبه كامل مع المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، لا سيما في التحريض المتكرر على إيران والمقاومة الفلسطينية.

وليست مصادفة أن يتطابق خطاب إسماعيل مع أفيخاي أدرعي إلى حدّ التماهي؛ فكلاهما يركّز على مهاجمة إيران وفصائل المقاومة، وتبرير العدوان الإسرائيلي المتواصل في غزة.

وبينما يتحدث أدرعي باسم الجيش الإسرائيلي، يقدّم وليد إسماعيل نفسه على أنه “داعية إسلامي”، في محاولة خطيرة لتغليف الدعاية الإسرائيلية برداء ديني.

يهاجم إسماعيل بشكل ممنهج كل من يدعم خيار المقاومة، ويروّج لفكرة أن إيران هي “العدو الأكبر”، متجاهلًا تمامًا حقيقة أن الاحتلال هو من يحتل القدس، ويقصف غزة، ويمارس التطهير العرقي في الضفة الغربية.

تحريض على المقاومة… ودعوة للاستسلام

لم يكتفِ إسماعيل بمهاجمة إيران، بل وصل إلى حد مطالبة المقاومين في غزة بـ”الاستسلام”، في واحدة من أكثر المواقف المريبة والمشبوهة التي لا تصدر حتى عن بعض الأنظمة المطبّعة.

فأن يدعو شخص يُعرّف نفسه بأنه “داعية إسلامي” أبناء غزة إلى إلقاء السلاح، بينما يتعرضون للإبادة الجماعية والحصار، هو سقوط أخلاقي وديني لا يحتاج إلى كثير تفسير.

من الواضح أن إسماعيل لا يرى في الاحتلال خطرًا ولا يرى في المقاومة شرفًا، بل يقف إلى جانب الجلاد ضد الضحية، تمامًا كما تفعل شبكات الذباب الإلكتروني المرتبطة بدول التطبيع.

دور وظيفي مشبوه في معركة الرواية

في السنوات الأخيرة، تحوّلت المعركة في المنطقة إلى صراع روايات؛ وبينما تكافح الشعوب لكشف جرائم الاحتلال وتوثيق معاناتها، تعمل أطراف أخرى على تبنّي الرواية الصهيونية بحماسة، ومن داخل المجتمعات العربية والإسلامية.

وليد إسماعيل لا يُخفي موقعه في هذه المعركة؛ بل يتصدرها، بتكرار مزاعم الاحتلال حول “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، والتحذير من “الخطر الشيعي”، بطريقة تسقط منه أي ادعاء بالموضوعية أو الغيرة على الأمة.

ولعل أخطر ما في دور إسماعيل هو محاولته إضفاء شرعية دينية على التطبيع من خلال هجومه المستمر على حركات المقاومة، وإيهام متابعيه بأن تأييد العدوان الإسرائيلي هو نوع من “الوعي”، بينما تصنّف المقاومة على أنها “أجندة إيرانية”، في إعادة إنتاج تامة لخطاب أجهزة المخابرات الإسرائيلية.

صمت مُريب على جرائم الاحتلال

منذ اندلاع الحرب على غزة وإيران، لا يكاد يُسجّل لوليد إسماعيل أي موقف صريح يدين فيه جرائم الاحتلال بحق المدنيين، لا في رفح، ولا في دير البلح، ولا في مخيمات النازحين.

بل على العكس، يستخدم صمته وتجاهله كأداة لتبييض صورة دولة الاحتلال الإسرائيلي، والانشغال بالتحريض على الطرف الذي يواجهها.

هذا الصمت المريب ليس نتيجة جهل، بل هو انعكاس لوظيفة سياسية مُحددة يتبناها إسماعيل، ضمن شبكة واسعة من الأصوات التي تتلقى دعمًا مباشرًا أو غير مباشر من محاور التطبيع العربي، والتي ترى في كل صوت مقاوم تهديدًا لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” بقيادة تل أبيب.

من “داعية” إلى ناطق باسم العدو

كان الأولى بشخص يقدم نفسه كداعية إسلامي أن يكون في طليعة المدافعين عن المظلومين، وعن أرض الإسراء والمعراج، وأن يرفض الاحتلال لا أن يتحالف معه فكريًا. لكن وليد إسماعيل اختار موقعه بوضوح: ليس إلى جانب الضحية، بل على منبر الجلاد.

خطابه لم يعد دينيًا ولا إصلاحيًا، بل بات سياسيًا-أمنيًا بالكامل، يُستخدم كأداة في معركة “شيطنة المقاومة” وإعادة تشكيل وعي الجيل الجديد على أساس أن إسرائيل شريك، وأن من يقاتلها إرهابي.

منبر الخيانة لا الدعوة

لقد تحوّل وليد إسماعيل من مجرد داعية مثير للجدل إلى أداة وظيفية بامتياز، تكمّل جهود أفيخاي أدرعي ودوائر الحرب النفسية الإسرائيلية في ضرب وحدة الجبهة الداخلية العربية، والتشويش على الحقيقة، وتزييف العدو والصديق.

وفي زمن الإبادة في غزة والحرب المفتوحة على إيران، لم يعد الصمت على أمثال إسماعيل مقبولًا. بل صار من الضروري فضحهم، وتعريتهم، وإسقاط كل أوراق التوت عن أدوارهم. لأن المعركة اليوم ليست فقط في الميدان، بل في العقول أيضًا. ومن يُفرّط بالوعي، يُمهّد للهزيمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى