
تتواصل الكارثة الإنسانية في قطاع غزة وسط تقارير صادمة عن ارتفاع أعداد الضحايا نتيجة استهداف الإسرائيلي المتعمد لما يُعرف بمراكز توزيع المساعدات، التي باتت توصف بأنها ساحات مفتوحة للقتل والاختراق النفسي.
وخلال الأسابيع الماضية، أكدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن ما لا يقل عن 613 شخصًا لقوا حتفهم قرب مراكز الإغاثة، بينهم أكثر من 500 فلسطيني سقطوا في محيط مؤسسة تُدار أمريكيًا وإسرائيليًا تحت غطاء العمل الإنساني.
وفي تصريح رسمي، شددت المتحدثة باسم المفوضية، رافينا شامداساني، أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار بشكل مباشر على فلسطينيين كانوا يحاولون الوصول إلى تلك النقاط للحصول على المساعدات، ووصفت استمرار هذا النمط من الاستهداف بأنه غير مقبول ومثير للقلق.
وفي المقابل، تشير أرقام وزارة الصحة في غزة إلى أن الآلية المشتركة الأمريكية-الإسرائيلية لتوزيع المساعدات تسببت حتى الخميس الماضي باستشهاد 652 مدنيًا وإصابة ما يزيد عن 4500 شخص.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تتعرض غزة لعدوان واسع النطاق تدعمه واشنطن سياسيًا وعسكريًا، وخلّف حتى الآن أكثر من 191 ألف شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف المشردين.
مراكز الإغاثة غطاء إنساني لعمليات أمنية
وبالتوازي مع هذه الوقائع، تتصاعد تحذيرات أمنية من داخل منصات تابعة للمقاومة الفلسطينية، والتي تؤكد أن ما يُروج له كمراكز إنسانية، ليس سوى أدوات ميدانية تهدف إلى اختراق المجتمع الفلسطيني نفسيًا وأمنيًا.
وهذه النقاط، بحسب تحليلات ميدانية، تُستخدم لرصد تصرفات الناس ومواقفهم ولهجاتهم، في محاولة لتصنيفهم واكتشاف نقاط الضعف التي يمكن استغلالها لاحقًا.
كما يجري فيها اختبار القابلية للضغط والتجنيد، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والحاجة المتزايدة للطعام والماء.
ومن خلال مراقبة ردود الأفعال والتفاعل الشعبي، يحاول الاحتلال الإسرائيلي تقييم المزاج العام في غزة تجاه المقاومة، ونقل تلك المؤشرات إلى أجهزة استخباراته لبناء سيناريوهات للتأثير أو الاستهداف.
ويتجاوز الدور الوظيفي لهذه المراكز مجرد توزيع الطعام أو الماء، إذ بات واضحًا أنها تمثل محاولة ممنهجة لتفكيك الجبهة الداخلية من خلال الضغط النفسي، ثم تسريب المعلومات، وصولًا إلى زعزعة الأمن الميداني.
والمعلومة التي يجمعها العدو من مدني بسيط في طابور مساعدات قد تُترجم لاحقًا إلى استهداف بطائرة مسيّرة أو عملية أمنية.
وفي ظل هذه الظروف، تتصاعد التحذيرات من التعامل مع هذه المراكز، وتؤكد جهات فلسطينية أن الحذر بات ضرورة وجودية، لأن العمل الإنساني المزعوم تحول إلى جزء من أدوات الحرب.