ناصر القدوة.. هل يصنع طريقه إلى رئاسة السلطة عبر البوابة الإسرائيلية؟

يسعى ناصر القدوة، الدبلوماسي الفلسطيني البارز وابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات، لتقديم نفسه كخيار مطروح لخلافة محمود عباس، مستندًا إلى لقاءات واتصالات مع أطراف دولية، منها مسؤولون في دولة الاحتلال الإسرائيلي.
القدوة، الذي فُصل من حركة “فتح” في مارس 2021، لا يخفي رغبته في وراثة المنصب الأعلى في السلطة الفلسطينية، رغم انعدام الدعم الشعبي له، بسبب ما يصفه كثيرون بـ”تنازلات سياسية جسيمة”، أبرزها الوثيقة التي أعدها مع رئيس وزراء الاحتلال الأسبق إيهود أولمرت.
وثيقة “أولمرت – القدوة”
وروج ناصر القدوة لما يُعرف بـ”وثيقة التسوية السياسية” التي شارك في إعدادها مع أولمرت، والتي تقترح بقاء القدس موحدة كعاصمة للاحتلال، مع ضم الأحياء اليهودية في المدينة ومحيطها، مقابل جعل الأحياء العربية التي كانت خارج حدود بلدية القدس قبل 1967 عاصمة للدولة الفلسطينية.
وقوبلت الوثيقة برفض واسع من فصائل المقاومة والتيارات الشعبية، فيما اعتبرها مراقبون “محاولة مكشوفة للتقرب من الغرب وإسرائيل على حساب الثوابت الفلسطينية”.
صراع داخلي يعصف بـ”فتح”
وأقالت اللجنة المركزية لحركة “فتح” ناصر القدوة عقب محاولته تشكيل قائمة انتخابية مستقلة بالتحالف مع الأسير مروان البرغوثي في بداية 2021، وهو ما اعتُبر تحديًا مباشراً للرئيس عباس.
وفي اجتماع ضم جبريل الرجوب، حسين الشيخ، وماجد فرج، وُجّهت تهديدات مباشرة للقدوة، بالتزامن مع تصريحات لعباس توعد فيها باستخدام “القوة التنظيمية” ضد كل من يخرج عن قرار اللجنة المركزية.
لاحقًا، غادر القدوة الضفة الغربية إلى قطاع غزة، حيث مكث هناك شهورًا، معترفًا في مقابلة بأنه لم يعد يشعر بالأمان بسبب التهديدات من محيط السلطة.
ناصر القدوة واغتيال عرفات
وتعرض ناصر القدوة لهجوم إعلامي وشعبي بعد رفضه استكمال التحقيق في وفاة ياسر عرفات، رغم ظهور أدلة تشير إلى تعرضه للتسمم بمادة البولونيوم.
وتصريحات القدوة التي شكك فيها بإمكانية ضلوع إسرائيل مباشرة باغتيال عرفات، أثارت ردود فعل غاضبة، واعتبرها كثيرون “خيانة لدم خاله”، خاصة أنه كان يرأس مؤسسة عرفات حتى فُصل منها لاحقًا.
ناصر القدوة والحرب على غزة
وفي مقابلة مع الصحفي الإسرائيلي ناحوم برنياع بصحيفة يديعوت أحرونوت، قال القدوة إن “حماس يجب ألا تكون جزءًا من الحكومة المقبلة”، مضيفًا أن “الرئيس عباس يمكنه البقاء رئيسًا شرفيًا فقط، مع تشكيل حكومة تكنوقراط تُقدّم الخدمات للفلسطينيين”.
وهذه التصريحات فُهمت على أنها رسالة طمأنة لإسرائيل وأطراف إقليمية وغربية تبحث عن قيادة فلسطينية “أكثر مرونة” في التعامل مع الاحتلال، ما أثار موجة غضب جديدة ضده.
ناصر القدوة ويكيبيديا
وُلد ناصر القدوة في غزة عام 1953، ودرس طب الأسنان في جامعة القاهرة، قبل أن ينخرط في العمل السياسي منذ انضمامه لحركة “فتح” عام 1969.
وشغل منصب وزير الخارجية في حكومة أحمد قريع عام 2003، وانتخب عضواً في المجلس المركزي لمنظمة التحرير، وتدرّج في المناصب الدبلوماسية حتى بات ممثل فلسطين في الأمم المتحدة سابقاً.
ورغم تاريخه السياسي الطويل، إلا أن مواقفه الأخيرة تسببت في انحسار شعبيته وخروجه من صفوف حركة “فتح”، وسط اتهامات بالبحث عن “مشروع شخصي” يتجاوز الإرادة الشعبية الفلسطينية.