تحليلات واراء

محمد حلس: بوق في شبكة أفيخاي لضرب غزة والمقاومة

في معركة السرديات التي تدور رحاها على وسائل التواصل الاجتماعي حول حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، يبرز اسم محمد حلس كأحد أكثر الأصوات الفلسطينية إثارة للجدل وخطورة.

ذلك ليس لأنه مجرّد ناقد سياسي أو ناشط إعلامي، بل لأنه تحوّل إلى أداة صريحة في ماكينة الدعاية الإسرائيلية، يُكرّس حساباته ومنصاته لبث الفتن والإشاعات، والتشكيك في المقاومة الفلسطينية، في تماهٍ كامل مع خطاب الاحتلال.

لكن خلف هذا الوجه “التحليلي” الذي يحرص حلس على تصديره للإعلام العربي والغربي، تختفي سيرة شخصية يلاحقها تاريخ طويل من القضايا الأخلاقية والمالية، جعلت من إقامته في أوروبا مهربًا من المساءلة، ومنصّة للهجوم على كل ما له علاقة بفلسطين المقاومة.

مسيرة حافلة بالإشكاليات

ينحدر محمد حلس من قطاع غزة، وينتمي لعائلة معروفة لها امتدادات اجتماعية وسياسية. لكن اسمه ظل مرتبطًا، طوال سنوات وجوده في غزة، بسلسلة من الأزمات الأخلاقية والفضائح المالية.

تؤكد مصادر مقربة من محيطه أن حلس تورط في قضايا تتعلق بالاحتيال المالي على جمعيات خيرية، حيث كان يعمل ضمن مشاريع إنسانية استفاد منها لتحقيق مصالح شخصية عبر الاستيلاء على أموال كانت موجّهة لمساعدة الأسر الفقيرة والمتضررة في القطاع.

هذه القضايا، إلى جانب شائعات قوية عن ممارسات أخلاقية غير لائقة، اضطرته إلى مغادرة غزة والاستقرار في أوروبا، هربًا من الفضيحة والملاحقة.

ورغم محاولاته إظهار نفسه كناقد مستقل، فإن الكثير من رفاقه السابقين في غزة يعتبرونه انتهازيًا، يبدّل مواقفه وفق مصالحه، ومستعدًا لبيع أي موقف مقابل المال أو الشهرة.

أداة دعائية لشبكة أفيخاي

بعيدًا عن شخصيته المثيرة للجدل، الأخطر في محمد حلس هو تحوّله إلى واحد من أبرز أدوات شبكة “أفيخاي”، التي يشرف عليها الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي.

تقوم هذه الشبكة على تجنيد ناشطين وحسابات فلسطينية وعربية بهدف بث رواية الاحتلال باللغة العربية، وتقديم “أصوات فلسطينية” تحرّض على المقاومة وتشكك في تضحيات الشعب الفلسطيني.

وهذه الاستراتيجية تمنح دولة الاحتلال الإسرائيلي غطاءً دعائيًا كبيرًا، إذ يمكنها الادعاء بأن الفلسطينيين أنفسهم يهاجمون المقاومة ويبررون العدوان.

ومحمد حلس نموذج صارخ لهذا الدور. فمنذ استقراره في أوروبا، كرّس كل حساباته – من فيسبوك إلى تويتر (إكس) – لإعادة تدوير السردية الإسرائيلية، خاصة في ذروة الحرب على غزة، مطلقًا سيلاً من المنشورات التي تهاجم المقاومة وقادتها، وتروج بأن سبب مآسي غزة هو “حماس وفصائل المقاومة”، لا الاحتلال الذي يشن حرب إبادة على المدنيين.

نماذج من منشوراته المسمومة

في 14 يونيو 2025، كتب حلس على حسابه في تويتر: “كل نقطة دم في غزة سببها مغامرات حماس وحساباتها الخاطئة. إسرائيل ليست مهتمة بحرب طويلة، لكن حماس تدفع الناس للموت.”

هذا الخطاب تكرار حرفي لرواية الجيش الإسرائيلي الذي يحاول تحميل المقاومة مسؤولية المجازر، متجاهلًا أن إسرائيل هي من يقصف المدنيين ويدمّر الأحياء.

وفي منشور آخر بتاريخ 22 مايو 2025، كتب: “غزة لن ترى إعمارًا أو استقرارًا طالما بقيت حماس تسيطر على القطاع. المقاومة أصبحت تجارة ومصدر نفوذ للبعض.”

وهذا أيضًا نسخة طبق الأصل من دعاية الاحتلال التي تصور المقاومة على أنها “مافيا مصالح”، بهدف كسر ثقة الناس فيها وضرب معنوياتهم.

أما في منشوره بتاريخ 30 أبريل 2025، فقد تجاوز حلس كل الخطوط الحمراء حين كتب: “إيران تتاجر بدماء الفلسطينيين، وتموّل حماس والجهاد من أجل أجنداتها في المنطقة. الشعب في غزة رهينة لحروب إيران بالوكالة.”

وهذه واحدة من أخطر محاور الخطاب الإسرائيلي، الذي يستهدف ليس فقط المقاومة، بل أيضًا حلفاءها الإقليميين، بهدف عزل غزة وحرمانها من أي سند سياسي أو مالي.

خطاب الفتنة وكسر الجبهة الداخلية

لا يكتفي محمد حلس بالهجوم على فصائل المقاومة. بل يحرص على نشر الإشاعات حول أوضاع غزة الداخلية. ففي 8 يوليو 2025، كتب منشورًا يزعم فيه: “حالة فوضى وانقسامات في كتائب القسام، وقادة يتصارعون على النفوذ والمساعدات القادمة.”

هذه طريقة إسرائيلية معتادة لضرب وحدة الصف، إذ تبث الإشاعات حول خلافات داخلية في صفوف المقاومة لتشويه صورتها أمام الشعب.

ويواصل حلس على مدار الأسابيع الماضية تكرار نفس الرواية: أن الناس في غزة فقدت الثقة بالمقاومة، وأن الغضب يتصاعد في الشارع. بينما الحقائق على الأرض تثبت العكس، إذ تُظهر استطلاعات الرأي في غزة استمرار دعم الناس للمقاومة رغم المعاناة الهائلة.

أداة إسرائيلية بامتياز

كل منشورات محمد حلس لا تختلف في مضمونها عن بيانات أفيخاي أدرعي أو تصريحات المتحدثين باسم الحكومة الإسرائيلية. الفارق الوحيد أن حلس يتحدث بلهجة فلسطينية، في محاولة لخداع الجمهور وإضفاء مصداقية زائفة على الخطاب الإسرائيلي.

والأخطر أنه يشكّل أداة دعاية مزدوجة: أولاً يستهدف الفلسطينيين لكسر ثقتهم بالمقاومة، وثانيًا يقدّم مادة دعائية للإعلام الإسرائيلي والغربي الذي يستشهد به كـ”صوت فلسطيني ناقد”، بينما هو في الحقيقة صوت مأجور يخدم مشروع الاحتلال.

وعليه فإن محمد حلس نموذج صارخ لكيفية استغلال الاحتلال لحسابات الفلسطينيين الهاربين أو الباحثين عن مصالحهم الشخصية، لتحويلهم إلى أبواق تشوّه المقاومة، وتبث الفتنة في الصف الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى