هاشم العامر: مرتزق شبكة أفيخاي يجرم التضامن مع غزة بمزاعم واهية

انتظر المرتزق العضو في شبكة “أفيخاي”، هاشم العامر، طويلًا قبل الرد على العملية التي نفذها سائق أردني عند معبر جسر الملك حسين/أللنبي وأدت إلى مقتل جنديين إسرائيليين، ثم خرج ليعلن أنه “ضد العملية لأن أهل غزة سيدفعون الثمن” محاولا بذلك تجريم التضامن مع غزة بمزاعم واهية.
ورأى معلقون أن هذه الصيغة غير المبررة من العامر ليست “حرصًا” على أهل غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة إسرائيلية منذ نحو عامين، بقدر ما هي إعادة تدوير لخطاب يحمل الضحية تبعات عدوان الجلاد.
إذ بدلا من الدعوة إلى مساءلة دولة الاحتلال الإسرائيلي وحاسبتها عن سياسة العقوبات الجماعية، يلجأ العامر إلى إدانة الفعل المقاوم والطلب من المحاصرين بضبط أنفسهم كي لا “يعاقبوا”.
من هو هاشم العامر؟
سبق أن قلل العامر من خطورة تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول “إسرائيل الكبرى” وزعم ضم أجزاء من الأردن، وقدمها باعتبارها “فخا إعلاميًا” لتغطية العدوان على غزة والضفة الغربية.
لكن موجة الإدانات العربية والإسلامية يوم 16 آب/أغسطس 2025 تعاملت مع كلام نتنياهو كتهديد مباشر للأمن القومي العربي، لا كـ“مناورة”، وأكدت أن فكرة “إسرائيل الكبرى” تعبر عن عقيدة توسعيّة راسخة وليست مجرد شطحة إعلامية.
فهل يُعقل أن يُختزل تهديد يمس الحدود والسيادة الأردنية إلى “فخ”، بينما تشيطن دعوة مقاومة فلسطينية للتضامن مع غزة باعتبارها “تدخّلًا”؟ هذه ازدواجية معيار لا تخطئها العين.
ومما لا شك فيه أن خطاب العامر جزء من نمط أوسع تديره “شبكة أفيخاي”؛ وهي منظومة دعاية ناعمة ترتكز على حضور المتحدث باسم جيش الاحتلال باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، وتستند إلى نشر رواية إسرائيلية باللغة العربية عبر مؤثرين محليين.
فخطاب العامر يقوم على يتماهى مع خطاب إسرائيلي منظم يُروج نقاط الحديث الإسرائيلية ويشتبك مع الرأي العام العربي لإدانة كل فعل مقاوم وفرض صيغة الاستسلام الكامل على العرب والمسلمين وبالتالي هو هنا لا يحلل بل يؤدي وظيفة دعائية منظمة.
هاشم العامر ويكيبيديا
على منصّة “إكس”، سجل العامر مواقف متكررة تُشيطن المقاومة بوصفها “خطرًا على الأردن” وتحملها مسؤولية الفوضى، مقابل لهجةٍ مخفَفة تجاه سياسات الاحتلال.
في أحد منشوراته، هاجم دعوات التضامن وصورها كاستهداف للأردن لا لإسرائيل؛ وفي آخر، ساوي خصومة عمان مع فصائل فلسطينية بخصومتها مع دولة الاحتلال بما يحول الاحتلال إلى “جار مزعج” لا إلى تهديد وجودي.
هذا التموضع ظاهر في حسابه العلني ويمكن لأي قارئ أن يتتبعه؛ وهو ينسجم مع قاعدة بروباغندا معروفة: تحويل بوصلة الغضب من المصدر الحقيقي للعنف—الاحتلال وحصاره وإبادته—إلى المقاومة التي تُقاومه.
ويؤكد معلقون أن اعتبار أي نداء فلسطيني للتضامن مع غزة بأنه “تدخل” يشطر المجال الشعبي الأردني عن عمقه الطبيعي في فلسطين، بينما تاريخ الجغرافيا والسياسة—والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية—يؤكّد العكس: أمن الأردن مرتبط موضوعيًا بكبح التوسع الإسرائيلي، لا بتأثيم من يقاومه.
وهنا يحسن التذكير بأن القانون الدولي يحظر العقوبات الجماعية و“معاقبة” المدنيين كرد على أفعال مقاومين؛ أي أن حجة “أهل غزة سيدفعون الثمن” لا يجب أن تستخدم لردع المقاومة بل لإدانة من يفرض العقوبة.
كما يجب الانتباه إلى تجلى الخطر في أمرين: أولًا، تثبيت سردية تُلقي اللوم على الضحية (“لو لم تُنفذ العملية لما عوقب الناس”) بدل مساءلة المُعاقب؛ وثانيًا، شق صفّ الجمهور عبر ثنائيات زائفة (“سيادة الأردن” ضد “المقاومة”)، بينما الحقيقة أن تهوين تهديدات التوسع الإسرائيلي يضرب السيادة ذاتها. لهذا يتحوّل خطاب العامر إلى أداة نفسية: يفرغ الغضب الشعبي من وجهته الصحيحة، ويجعل الضحية تخشى الدفاع عن نفسها خشية “الثمن”.
وبالمجمل فإن العامر يصر على وضع نفسه في قلب ماكينة دعائية تريد من الجمهور أن يرى العدو في المرآة الخطأ وتجاهل حقيقة أن حماية الأردن لا تكون بتلميع الاحتلال، بل بتعرية مشروعه؛ وحماية غزة لا تكون بإسكاتها، بل بكسر الحصار ومساءلة من يفرضه وكل ما عدا ذلك ضجيج يغذي “شبكة أفيخاي” ويضعف الرواية العربية في معركة عنوانها الحقيقي: إنهاء الاحتلال وانتزاع الحقوق الفلسطينية والعربية.