ميدل إيست آي: خطة ترامب هي دعوة للاستسلام الفلسطيني

أكد موقع ميدل إيست آي البريطاني أن خطة الرئيس الأمريكي دوند ترامب بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة هي دعوة للاستسلام الفلسطيني.
وأبرز الموقع أنه من خلال فرض نزع السلاح الفلسطيني والسيطرة الخارجية على غزة مع السماح لإسرائيل بالحفاظ على احتلالها، فإن الخطة الأمريكية الإسرائيلية تضمن المزيد من عدم الاستقرار في المستقبل.
وتتضمن الخطة الأمريكية التي هي في جوهرها تلبية لمطالب إسرائيلية رئيسية، وقفا فوريا للحرب، وإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين وعشرات الأسرى الإسرائيليين، والالتزام ببقاء الفلسطينيين في غزة.
ورغم هذه السمات الإيجابية ظاهريا، فإن الخطة تركز بشكل كبير على دولة الاحتلال ــ خطة إسرائيلية متخفية في صورة دبلوماسية أميركية ــ وتبدو كمطلب للاستسلام الفلسطيني بدلا من دعوة حقيقية للسلام.
وبعد مرور ما يقرب من عامين على الإبادة الجماعية التي أسفرت عن قتل أكثر من 66 ألف فلسطيني، ونزوح مئات الآلاف، ودفعت دولة الاحتلال إلى ترسيخ وجودها العسكري في عمق غزة، فإن الاقتراح يفاقم الأزمة بالعديد من العيوب القاتلة.
من أبرز مشاكلها دعوة الخطة إلى أن يحكم غزة ليس الفلسطينيون، بل جهات دولية تعمل في خدمة تل أبيب.
كما تطالب الخطة الفلسطينيين بنزع سلاحهم، بينما تُبقي دولة الاحتلال حصارها ووجودها العسكري، وتترك المساعدات والحكم في أيدي مؤسسات خارجية – وهي صيغة أثبتت بالفعل كارثيتها في حالة مؤسسة غزة الإنسانية سيئة السمعة.
وفي الوقت نفسه، تُمنح دولة الاحتلال مجالاً واسعاً من الحرية: إذ يُترَك انسحابها مفتوحاً، مرتبطاً بشروط غامضة فحسب، في حين ستبقى قواتها في “محيط أمني” كبير داخل غزة، ويتم تأجيل أي احتمال لإقامة دولة فلسطينية إلى أجل غير مسمى في المستقبل.
نموذج لإسرائيل الكبرى
تُشكّل بنود الخطة، مجتمعةً، نموذجًا لمشروع (إسرائيل الكبرى)، وللقضاء المُدبّر على المقاومة الفلسطينية. فهي تُمهّد الطريق لإسرائيل لتوسيع حدودها بأقلّ صعوبة ممكنة، مما يجعل خطة ترامب مُجرّد وصفةٍ لزعزعة الاستقرار، لا للسلام.
ويأتي طرح الخطة بعد أشهر من الحديث عن تحويل غزة إلى “ريفييرا”، ووضعها تحت وصاية أميركية لإعادة تطويرها كمركز سياحي، ومراقبة فرصها العقارية، وبالتالي ليس من المستغرب أن تستثني خطة ترامب الأخيرة الفلسطينيين من أي دور في الحكم أو إعادة الإعمار أو الإدارة.
بدلاً من ذلك، تُمنح السلطة لأطراف دولية متحالفة مع دولة الاحتلال. فعلى سبيل المثال، تدعو المادة 9 إلى إنشاء “مجلس سلام” دولي برئاسة ترامب ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، بينما تُلزم المادة 15 بإنشاء قوة استقرار دولية مهمتها الأساسية ضمان الأمن الإسرائيلي.
في حين يُتوقع من الأطراف الفلسطينية التصرف “خلال 72 ساعة”، تُمنح دولة الاحتلال مرونة مفتوحة ولا يُطلب منها مطلقًا تنفيذ انسحاب عسكري كامل.
وتُرسّخ الخطة أيضًا عدم التكافؤ بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فهي تطالب بنزع سلاح غزة بالكامل، وفقًا للمادتين 13 و15، وتدمير أنفاقها وأسلحتها، وفقًا للمادتين 6 و13، حتى مع استمرار تل أبيب في فرض حصارها الجوي والبري والبحري طويل الأمد، وإبقاء قواتها داخل غزة.
المادة الثالثة تتطلب فقط أن تخطط القوات الإسرائيلية لانسحاب بطيء “على مراحل” مشروط بـ”معايير ومعالم وإطارات زمنية” غير شفافة، كما هو موضح في المادة 16 من الخطة، والتي سيتم التفاوض عليها “بين [الجيش الإسرائيلي] وقوات الأمن الإسرائيلية والضامنين والولايات المتحدة”.
وأكد الموقع البريطاني أن غياب جدول زمني محدد للانسحاب الإسرائيلي أمرٌ ذو دلالة خاصة.
وإذا تم تنفيذ الخطة بهذا الشكل، فإنها ستترك الفلسطينيين مع أرض محاصرة غير قادرة على الدفاع عن نفسها ضد المزيد من الهجمات والغزو الإسرائيلي.
وتكمن مشكلة رئيسية أخرى في نهج الخطة في التعامل مع المساعدات، والذي يترك الباب مفتوحا أمام مجموعات المرتزقة مثل مؤسسة غزة الإنسانية GHF لمواصلة عملياتها.
وأخيرا، تهدف الخطة إلى إنعاش “إصلاح” السلطة الفلسطينية، التي عملت تاريخيا كـ” مقاول من الباطن ” ومتعاونة مع الاحتلال الإسرائيلي، وهي غير شعبية للغاية بين الفلسطينيين.
ومع إعلان المادة التاسعة أن خطة ترامب للسلام لعام 2020 سوف تكون بمثابة نموذج لإصلاح السلطة الفلسطينية، يبدو من الواضح أن مثل هذا “الإصلاح” سوف يركز بشكل حصري تقريبا على قدرتها على ضمان الأمن الإسرائيلي.
وختم الوقع بأن الأهم هو ما لم يُذكر في الخطة المكونة من عشرين نقطة. فهي تكاد تخلو من أي اعتراف بالسلطة السياسية الفلسطينية، ولا أي ذكر للحصار الخانق الذي تفرضه دولة الاحتلال على غزة، أو احتلالها غير القانوني والمتسارع للضفة الغربية.
فيما المادة 19 تطرح إمكانية إقامة دولة فلسطينية في المستقبل ولكنها تستخدم لغة غامضة ولا تذكر جدولا زمنيا.