معالجات اخبارية

السلطة تتاجر بمستقبل غزة.. دعم قرار دولي يمهّد للوصاية على القطاع

في الوقت الذي قوبل فيه قرار مجلس الأمن الأخير بشأن غزة برفض واسع من القوى الوطنية والفصائل الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني، وجدت السلطة الفلسطينية نفسها الطرف الفلسطيني الوحيد الذي يعلن ترحيبه الكامل بالقرار الأميركي الذي يمهّد لإنشاء قوة دولية في القطاع، وتشكيل ما يسمى بـ«مجلس السلام» بقيادة الولايات المتحدة.

السلطة تتاجر بمستقبل غزة

والقرار الذي تبنّاه المجلس بتصويت 13 عضوًا وامتناع الصين وروسيا، أثار موجة انتقادات غاضبة، نشطاء ومنظمات حقوقية وصفوه بأنه يشرعن الوصاية الدولية على غزة وينكر حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، بينما رأت فيه حركة حماس «آلية وصاية مرفوضة» تهدف إلى نزع سلاح المقاومة وتحويل القوة الدولية إلى طرف في النزاع.

كذلك رفضته شخصيات ومؤسسات وطنية معتبرة أن القرار يمهد لمرحلة جديدة من تدويل السيطرة على غزة، ويمسّ مباشرة جوهر القضية الفلسطينية.

كما أكدت حركة الجهاد الإسلامي رفضها للقرار، معتبرة أنه يفرض وصاية دولية على القطاع ويفصل غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية، ويحوّل القوة الدولية من طرف محايد إلى شريك في تنفيذ أجندة الاحتلال عبر نزع سلاح المقاومة، ويتجاهل العدالة، ويهمل محاسبة مجرمي الحرب ورفع الحصار عن القطاع.

وذكرت الجهاد أن أي تدخل أمريكي دولي في غزة بدون رضى الشعب الفلسطيني يشكل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني.

وفي المقابل، انفردت السلطة الفلسطينية بالترحيب، مؤكدة استعدادها «لتحمّل مسؤولياتها في غزة» والعمل مع الولايات المتحدة والدول العربية لتنفيذ القرار والانتقال إلى «المسار السياسي».

القوة الدولية في غزة

ويتيح القرار إنشاء قوة دولية تتولى تأمين الحدود، وحماية المدنيين، وتسهيل دخول المساعدات، ودعم الشرطة الفلسطينية، والإشراف على نزع سلاح حماس والفصائل.

وفي المرحلة التالية، يجري تشكيل هيئة حكم انتقالية باسم «مجلس السلام»، يتولى الرئيس الأميركي دونالد ترامب قيادته، ويشرف على الأمن والمساعدات وإعادة الإعمار في إطار رؤية أميركية لمستقبل القطاع.

ووصفت منظمة CodePink القرار بأنه إعادة إنتاج للاحتلال لكن بغطاء دولي وإنساني، مشيرة إلى أنه «يحرم الفلسطينيين من وكالتهم السياسية ويجعلهم تحت إدارة دمية تابعة لواشنطن».

أما هيومن رايتس ووتش فانتقدت غياب أي ذكر لحقوق الإنسان في القرار، معتبرة أن ذلك «يكشف الكثير» عن طبيعته وأهدافه.

وتظاهر فرع حركة شباب فلسطين في نيويورك أمام بعثة واشنطن، مؤكداً أن القرار «محاولة مكشوفة لسلب الفلسطينيين سيادتهم وحقهم في تقرير مصيرهم»، وتعهد بمواصلة الاحتجاج.

السلطة والرهان على واشنطن

ولخّص الكاتب السياسي ياسين عز الدين المشهد:”جميع القوى والفصائل والمؤسسات والشخصيات الوطنية الفلسطينية رفضت قرار مجلس الأمن، باستثناء سلطة أوسلو التي رحبت به رغم أنه يقصيها من المشهد”.

وأكد أن موقف السلطة ليس «سوء تقدير» بل تنفيذ دقيق لأجندة الاحتلال كما يطرحها وزراء الحكومة الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الاحتلال يستخدم السلطة «كحصان طروادة لاختراق المواقف العربية والدولية»، كما حدث في تمرير هذا القرار.

وأضاف عز الدين:”لن تصلوا لأي اتفاق معها لأنها تنفذ ما يريده الاحتلال حرفيًا. وإلى متى نلدغ من الجحر نفسه؟”.

بينما يرى الشارع الفلسطيني ومعظم قواه أن القرار يشكل تهديدًا مباشرًا لمستقبل غزة ولحقوق شعبها، تصر السلطة على الاصطفاف خلف الرؤية الأميركية أملاً بدور سياسي مستقبلي في القطاع حتى لو كان ذلك على حساب الإجماع الوطني، والمطالب الشعبية، ومبدأ تقرير المصير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى