جسور نيوز تحتج على مشروع لإعادة بناء مصلى في قطاع غزة!

أثارت منصة جسور نيوز الممولة من دولة الإمارات وأحد أبرزت أدوات شبكة أفيخاي الإسرائيلية، موجة انتقادات واسعة بعد نشرها تقريرًا مصورًا تهاجم فيه مشروعًا محليًا لإعادة بناء مصلى في قطاع غزة.
فقد قدم التقرير الذي رُوّج له على منصات التواصل الاجتماعي المشروع بوصفه موضع “جدل وانتقادات شعبية”، في محاولة لإظهار حالة من الرفض المجتمعي داخل القطاع، دون الاستناد إلى معطيات ميدانية موثقة أو آراء تمثيلية حقيقية.
ووفقًا لمراقبين فإن التقرير يعكس نمطًا متكررًا في خطاب جسور نيوز، يقوم على تضخيم أحداث محدودة أو اجتزاء مواقف فردية، وإعادة تقديمها باعتبارها تعبيرًا عن رأي عام واسع.
ويأتي ذلك في سياق سياسة تحريرية للمنصة المشبوهة تتقاطع بشكل واضح مع السردية الإسرائيلية، لا سيما في القضايا المتعلقة بالبنية المجتمعية والدينية في غزة.
منصة جسور نيوز ويكيبيديا
تجاهلت منصة جسور نيوز في تقريرها السياق العام الذي يأتي فيه مشروع إعادة بناء المصلى، بحيث لم تشر من قريب أو بعيد إلى الدمار الواسع الذي لحق بالمساجد والمصليات في قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي والذي أدى إلى تدمير أو تضرر غالبية دور العبادة.
كما أغفلت المنصة الإشارة إلى أن إعادة بناء المصليات تُعدّ بالنسبة لسكان القطاع جزءًا من جهود التعافي المجتمعي وإعادة الحد الأدنى من مقومات الحياة الدينية والاجتماعية.
ويرى مراقبون أن هذا التجاهل ينسجم مع خط تحريري يسعى إلى عزل الحدث عن أسبابه الحقيقية، وتحويل النقاش من مسؤولية الاحتلال عن التدمير الممنهج إلى نقاش داخلي حول أولويات المجتمع الفلسطيني.
وبهذا الأسلوب، يتم نقل مركز الجدل من الفاعل الأساسي في عملية التدمير إلى الضحية نفسها، في إعادة إنتاج لرواية تلقي باللوم على المجتمع المحلي بدلًا من القوة القائمة بالاحتلال.
شبكة أفيخاي ويكيبيديا
تنتهج جسور نيوز بوصفها أداة في شبكة أفيخاي، خطابا تحريضيا مكشوفا ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، من خلال تقديمها باعتبارها مصدر الأزمات الداخلية في قطاع غزة، وتجاهل السياق السياسي والأمني الأشمل.
ويشير متابعون إلى أن المنصة تحاول بشكل مستمر زرع الشكوك وإثارة الانقسامات داخل المجتمع الفلسطيني، عبر تسليط الضوء على قضايا حساسة بأسلوب استفزازي، يخدم في نهاية المطاف ضرب الجبهة الداخلية.
في هذا الإطار، لا يمكن فصل تقرير المصلى عن الدور العام الذي تؤديه المنصة ضمن ما يُعرف بإعلام التطبيع العربي، وهو إعلام يركز على مهاجمة فصائل المقاومة في كل تفصيل، مقابل تجنب أي نقد حقيقي لسياسات الاحتلال أو ممارساته على الأرض.
ويُلاحظ أن هذا النوع من الإعلام يتبنى لغة تبدو “محايدة” شكليًا، لكنها في الجوهر تعيد إنتاج الخطاب الإسرائيلي وتسوّقه للجمهور العربي والإسلامي.
كما يلفت الانتباه اعتماد التقرير على مصطلحات فضفاضة مثل غضب شعبي ورفض مجتمعي دون تحديد مصادر واضحة أو تقديم شهادات متنوعة تعكس حقيقة المزاج العام في غزة وذلك لصناعة انطباع عام لا يستند إلى تحقيق ميداني حقيقي بل إلى فرضيات مسبقة تخدم الرسالة المراد إيصالها.
ويرى محللون أن خطورة هذا الخطاب لا تكمن فقط في تحريف الوقائع، بل في محاولته المستمرة لتشويه أي فعل يرتبط بالصمود المجتمعي أو إعادة الإعمار، حتى لو كان ذا طابع ديني أو إنساني بحت. فبدل النظر إلى إعادة بناء المصليات بوصفها استجابة طبيعية لحاجات السكان بعد الدمار، يتم تصويرها كخطوة إشكالية أو مثيرة للانقسام.






