الكشف عن ضغط إماراتي لتعيين نيكولاي ملادينوف بمنصب دبلوماسي في غزة

كشفت موقع ميدل إيست آي البريطاني، عن ضغط تمارس دولة الإمارات العربية المتحدة لتعيين الدبلوماسي ووزير الدفاع البلغاري السابق، نيكولاي ملادينوف، للعمل كمسؤول رفيع المستوى في غزة نيابة عن “مجلس السلام” التابع للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأشار الموقع إلى أن ملادينوف بات يتم تداول اسمه كبديل لتوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، الذي أثار اسمه إدانة واسعة النطاق لدرجة أنها أجبرت الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي على البحث عن بدائل.
ويُظهر التناقض بين الشلل السياسي في بلد ملادينوف الأم وحياته في الخليج كيف حاول أن يشق لنفسه مكانة نخبوية خاصة به في الشرق الأوسط وحصل على درجات عالية في عمله كمبعوث للأمم المتحدة من أجل السلام في الشرق الأوسط.
واستعرض الموقع رحلة ملادينوف من السياسة الأوروبية إلى الأمم المتحدة وأخيراً إلى الإمارات حيث تم تعيينه لإدارة أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، وذلك في رحلة مألوفة للعديد من الدبلوماسيين والجنرالات السابقين من جميع أنحاء العالم الذين يتم استقطابهم من قبل دول الخليج الغنية بالنفط.
وصرح مسؤول غربي للموقع “لا يهم من هو. المهم هو ما يخبرك به الأمر، وهو من يسيطر على هذه العملية”.
وأضاف المسؤول: “أياً كان من سيتم اختياره، فسوف يتعرض لانتقادات شديدة، لكن ملادينوف متأثر جداً بالإمارات وبالتالي بإسرائيل”.
من هو نيكولاي ملادينوف؟
ولد ملادينوف عام 1972 في صوفيا لعائلة من العائلة المالكة في النظام الشيوعي. كان والده ينتمي إلى ما يعادل جهاز المخابرات السوفيتية (كي جي بي) في بلغاريا، وكان عمه سفيراً في الحقبة الشيوعية.
وفي عام 1999، عندما كانت بلغاريا تتخلص من ماضيها الشيوعي وتسعى جاهدة للانضمام إلى أوروبا، أسس ملادينوف المعهد الأوروبي في صوفيا للدعوة إلى التكامل مع الاتحاد الأوروبي. ثم عمل مستشاراً للبنك الدولي، والمعهد الجمهوري الدولي، والمعهد الديمقراطي الوطني.
ثم هيمن حزب جيرب الشعبوي المنتمي ليمين الوسط على المشهد السياسي في بلغاريا خلال العقد الأول من الألفية الثانية. شغل ملادينوف منصب وزير الدفاع بين عامي 2009 و2010، ثم منصب وزير الخارجية من عام 2010 إلى عام 2013. كما كان عضواً في البرلمان الأوروبي من عام 2007 إلى عام 2009.
ظهر اسم ملادينوف في تسريبات وثائق باندورا لعام 2021. وأظهرت الوثائق أنه أسس شركة تُدعى “أفرون إنتربرايزز المحدودة” في سيشيل عبر وسطاء سويسريين عام 2013. وصرح لموقع ” بيرد.بي جي ” الإخباري البلغاري بأن الشركة لم تكن نشطة قط، وأنه أنشأها قبل انضمامه إلى الأمم المتحدة.
وبعد تركه منصبه كأعلى دبلوماسي في بلغاريا، شغل ملادينوف منصب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط لمدة ست سنوات تقريباً، وهو منصب لم يشغله سوى تسعة أشخاص منذ إنشائه عام 1994، خلال اتفاقيات أوسلو. ويمثل هذا المنصب الأمين العام للأمم المتحدة في هذه العملية.
في ذلك الدور، حظي بإشادة من جميع الأطراف تقريباً، بما في ذلك السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال.
العمل كمبعوث أممي
يُنسب إلى ملادينوف الفضل في تعزيز دور مبعوث الأمم المتحدة. فعلى سبيل المثال، في عام 2018، عمل مع مصر للتوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في غزة، وفقًا لما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز.
وقال مسؤول عربي التقى ملادينوف عدة مرات عندما كان يعمل مبعوثاً للأمم المتحدة: “لديه معرفة جيدة بالمنطقة، وعلاقات جيدة مع الجميع تقريباً، وقد عمل بجد من أجل غزة آنذاك”.
وفي الأشهر الأخيرة بدأت دول الخليج في تحديد أدوار مختلفة لنفسها منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وقد برزت الإمارات الآن كأكبر مانح لغزة بين دول الخليج ضمن مساعي أبو ظبي المشبوهة لإيجاد دورا فاعلا لها ضمن ترتيبات اليوم التالي للحرب.
ويجري ملادينوف حاليًا محادثات مع مسؤولين أمريكيين مقربين من جاريد كوشنر، صهر ترامب، بشأن دوره الجديد، وفقًا لما صرّح به مسؤول غربي لموقع ميدل إيست آي.
وفي حال اختياره، سيتولى دور الوسيط في “مجلس السلام” الذي يُتوقع أن يضم قادة العالم وخبراء فلسطينيين ميدانيين في غزة.
وقد احتفل ترامب بالنصر عندما أبرم مبعوثاه كوشنر وستيف ويتكوف اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غزة في أكتوبر/تشرين الأول. لكن خطة السلام الأمريكية المكونة من 20 بنداً لغزة قد تعثرت.
وقد وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني على تفويض قوة دولية لتحقيق الاستقرار لنشرها في غزة، لكن الدول العربية والإسلامية المتوقع أن تساهم في هذه القوة تخشى أن تجد نفسها عالقة في صراع لا يجد أفقا للحل.
وتُدار خطط إدارة ترامب لما بعد الحرب في غزة من تل أبيب بواسطة مجموعة من المعينين السياسيين المقربين من كوشنر.
ويشرف الحاخام الأمريكي أرييه لايتستون على جهود لتقسيم غزة إلى نصفين.
وقال مسؤولون عرب وغربيون إن ملادينوف أقام علاقات جيدة مع كوشنر عندما كان الأول يتفاوض على اتفاقيات أبراهام لعام 2020، والتي شهدت قيام الإمارات والبحرين والمغرب بتطبيع العلاقات مع تل أبيب.
قال كوشنر لصحيفة نيويورك تايمز إن إدارة ترامب “أستأذنت” للدبلوماسي البلغاري خلال المفاوضات وأخذت “ملاحظاته البناءة”.
واعتبر النقاد تلك الاتفاقيات خيانة من الدول العربية للفلسطينيين. في المقابل دافع ملادينوف عنها قائلاً إنها ساعدت في منع ضم الضفة الغربية المحتلة آنذاك.
من جهة أخرى، وقفت الإمارات عموماً إلى جانب حليفتها دولة الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023.
وكتب ملادينوف في مقال نُشر في نوفمبر: “كان للدبلوماسية الإماراتية دور فعال في وقف خطة إسرائيل لضم الضفة الغربية في عامي 2020 و2025”.
ودعا إلى تعميق اتفاقيات أبراهام، مشيداً بإمكانية إنشاء “منطقة تجارة حرة إقليمية، وصناديق استثمار مشتركة لإعادة الإعمار، ومشاريع القدرة على التكيف مع تغير المناخ”.





