محمد السوالمة وحساب المنخل.. تحريض منظم لصالح العصابات والعملاء في غزة

في سياق ما يشهده قطاع غزة من جرائم متواصلة بحق المدنيين، برز اسم المدعو محمد السوالمة كأحد الأصوات التي اختارت الاصطفاف خارج الإجماع الشعبي الفلسطيني، ولم يتجه خطابه نحو إدانة الاحتلال أو توثيق جرائمه، بل انصرف بشكل منهجي إلى مهاجمة المقاومة، وتبرير الفوضى الداخلية، وتوفير غطاء إعلامي للعصابات والعملاء الذين نشطوا في القطاع بالتوازي مع القصف والحصار.
وهذا الدور لم يكن طارئًا أو عابرًا، بل تكرّس مع تصاعد الحرب، ليضع محمد السوالمة نفسه في موقع المتحدث غير المعلن باسم خطاب يخدم أهداف الاحتلال في تفكيك الجبهة الداخلية الفلسطينية.
من هو محمد السوالمة؟
ينحدر محمد السوالمة من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وينشط إعلاميًا عبر منصات التواصل في شنّ هجمات متواصلة على فصائل المقاومة، وتشويه دورها، وتبنّي خطاب يحمّلها مسؤولية جرائم الاحتلال.
ومع مرور الوقت، لم يعد هذا الخطاب محصورًا في النقد السياسي، بل تطور إلى هجوم مباشر على كل ما يمثّل حالة الصمود في غزة، من المقاومة إلى الصحافة إلى أي جهد يسعى لضبط الفوضى الداخلية.
حساب المنخل
ويقود السوالمة حساب “المنخل” على منصات التواصل الاجتماعي، والذي تحوّل خلال الأشهر الأخيرة إلى أداة دعائية متخصصة في نشر الشائعات وبث روايات غير موثقة حول الواقع الميداني في غزة.
ويركّز الحساب على الحديث عن خلافات داخلية، وانقسامات مزعومة، وتسريبات حول ملف الأسرى والمفاوضات، دون الاستناد إلى مصادر واضحة أو معلومات قابلة للتحقق، إلى جانب الترويج لخطاب يبرّر نشاط العملاء والعصابات داخل قطاع غزة.
وتوقيت هذه المنشورات لا يبدو عشوائيًا، إذ تتزامن غالبًا مع تصاعد المجازر أو لحظات الغضب الشعبي، بما يخدم هدف إرباك الشارع وضرب الثقة بين الناس ومن يقاوم الاحتلال.
العصابات في غزة
واللافت في خطاب محمد السوالمة هو دفاعه المتكرر، بشكل مباشر أو غير مباشر، عن مظاهر الفوضى والعصابات التي نشطت داخل غزة خلال الحرب.
ففي كل مرة يُكشف فيها عن نشاط مجموعات من العملاء تعمل على زعزعة الأمن الداخلي داخل القطاع، يهاجم السوالمة الجهات التي تتصدى لهم، ويصوّر محاولات ضبط الأمن وحماية الجبهة الداخلية على أنها “قمع” أو “استبداد”.
وبهذا السلوك، يتحول الخطاب من مجرد رأي سياسي إلى دور وظيفي يخدم الاحتلال، الذي عمل منذ بداية الحرب على تشجيع الفوضى الداخلية باعتبارها أداة لإضعاف المجتمع من الداخل.
التحريض المتكرر
ولم يقتصر نشاط السوالمة على مهاجمة المقاومة، بل امتد إلى التحريض على الصحفيين الفلسطينيين، فقد نشر، عبر حساباته، مواد تشكك في مهنية الصحفيين وتربط عملهم بسرديات أمنية خطيرة، في انسجام مع الروايات الإسرائيلية التي تسعى إلى نزع الحماية عن الإعلاميين وتحويلهم إلى أهداف مشروعة.
ويعكس خطاب محمد السوالمة تطابقًا لافتًا مع رواية جيش الاحتلال وناطقه أفيخاي أدرعي، سواء من حيث المصطلحات المستخدمة أو ترتيب الأولويات. فبدل التركيز على جرائم الاحتلال، ينصبّ الخطاب على شيطنة المقاومة، وتبرئة الاحتلال، وإعادة إنتاج رواياته بلغة محلية.
وهذا التطابق لا يمكن تفسيره على أنه صدفة، بل يشير إلى انسجام منهجي مع ماكينة الدعاية الإسرائيلية في واحدة من أخطر ساحات الصراع، ساحة الوعي.
وما يقوم به محمد السوالمة لا يندرج في إطار النقد المشروع أو الاختلاف السياسي، بل يتجاوز ذلك إلى لعب دور واضح في تبرير الفوضى، وإعادة إنتاج خطاب الاحتلال بأدوات فلسطينية.
وفي زمن الإبادة، لا يقل هذا الدور خطورة عن أي سلاح، لأنه يستهدف الوعي، ويضرب المجتمع من الداخل، ويفتح الطريق أمام العدو لاستكمال مشروعه بأقل كلفة ممكنة.





