معالجات اخبارية

قناة الحدث تتقمّص دور إعلام جيش الاحتلال في تغطية غزة

أثارت قناة الحدث جدلًا واسعًا بعد نشرها خبرًا منسوبًا إلى مراسلها يفيد بوجود غارات مرتقبة الليلة على قطاع غزة، بزعم أنها تأتي ردًا على إصابة ضابط جراء انفجار داخل القطاع.

الخبر لم يُقدَّم بوصفه احتمالًا أو سيناريو قيد التحقق، بل نُشر بصيغة تقريرية حاسمة، وكأن قرار القصف بات أمرًا واقعًا، ما فتح الباب أمام تساؤلات جدية حول دور بعض المنصات الإعلامية في التمهيد للعدوان بدل الاكتفاء بتغطيته.

وفي لحظات كهذه، لا يكون النشر مجرد سبق صحفي، بل يتحول إلى رسالة نفسية موجهة، تسهم في خلق حالة ترقب وخوف لدى المدنيين، وتمنح الاحتلال فرصة اختبار ردود الفعل، وتطبيع فكرة القصف قبل وقوعه.

وهو نمط بات يتكرر مع كل تصعيد، حيث تُضَخّ أخبار غير مؤكدة عبر قناة الحدث، في توقيتات حساسة، غالبًا استنادًا إلى روايات أمنية إسرائيلية أو “تقديرات” بلا مصادر مستقلة.

تغطية قناة الحدث

وخطورة هذا النوع من التغطية لا تكمن فقط في دقته، بل في وظيفته. فعندما يُنشر خبر عن غارات “مرتقبة”، دون تحقّق أو إسناد واضح، يصبح الإعلام جزءًا من أدوات إدارة الصراع، لا ناقلًا له.

وفي حالة قطاع غزة، حيث يعيش السكان تحت تهديد دائم، فإن أي خبر من هذا النوع لا يُقرأ بمعزل عن واقع الحرب والحصار، بل يُستقبل بوصفه إنذارًا مباشرًا، ما يضاعف الأثر النفسي والإنساني للنشر غير المسؤول.

كما أن هذا الأسلوب ينسجم مع ما يُعرف بـالحرب النفسية، التي تعتمد على التسريب الإعلامي، ورفع منسوب القلق، وتثبيت صورة “الرد الحتمي”، حتى لو لم يحدث فعليًا. وهنا، يصبح السؤال حتميًا: هل تنقل بعض المنصات ما تعرفه، أم ما يُراد لها أن تنقله؟

قناة الحدث

ولا يمكن فصل ما نشرته قناة الحدث عن سياق أوسع من التغطيات التي وُجهت لها انتقادات متكررة خلال الحرب على غزة، سواء من حيث المصطلحات المستخدمة، أو طريقة صياغة الأخبار، أو تقديم الرواية الإسرائيلية باعتبارها المرجع الأول، مقابل تغييب السياق الفلسطيني أو اختزاله.

وفي هذا الإطار، كانت قناة الحدث واحدة من القنوات التي وُجهت لها انتقادات رسمية، حيث أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة في وقت سابق توجيه رسائل استياء لقناتي العربية والحدث، بسبب ما وصفه بـالتغطية المنحازة لرواية الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة على غزة.

وعبّر المكتب عن استيائه من طريقة تحرير الأخبار، والتحليلات، والمصطلحات المستخدمة، وحتى أسلوب التقديم، معتبرًا أن هذا الأداء لا ينسجم مع معايير الإعلام المهني، ولا يعكس هوية إعلام عربي يُفترض أن ينقل معاناة الضحايا لا أن يبرر رواية الجلاد.

كما دعا القناتين إلى تصويب سياستهما التحريرية والاعتذار للشعب الفلسطيني، أو على الأقل التوقف عن تبني الرواية الإسرائيلية بهذه الصورة الصادمة.

كما سبق أن صدرت تحذيرات من قوى وطنية وإسلامية فلسطينية، اعتبرت أن هذا الخطاب الإعلامي لا يكتفي بنقل السردية الإسرائيلية، بل يذهب أحيانًا إلى تسويقها والدفاع عنها، في انحدار مهني يعكس أزمة ثقة متنامية بين الجمهور العربي وبعض المنصات التي ما زالت ترفع لافتة “الإعلام العربي” بينما تمارس دورًا مغايرًا على أرض الواقع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى