
في غارة جوية استهدفت “مقهى الباقة” على شاطئ غزة، استُخدمت قنبلة MK-82، وهي قنبلة أميركية الصنع تزن حوالي 230 كيلوغرامًا (500 رطل). وهذه القنبلة تنتمي إلى عائلة القنابل العامة (General Purpose Bombs)، وتتميز بقوة تفجير عالية، قادرة على إحداث حفرة ضخمة وانتشار شظايا مميتة لمسافات واسعة.
وصُممت قنبلة MK-82 في الأصل لضرب أهداف عسكرية مثل التحصينات، المواقع الاستراتيجية، والآليات الثقيلة. وهي تُستخدم عادة في ساحة المعركة ضد أهداف يُعتقد أنها ذات أهمية حيوية، نظرًا لمدى الضرر الكبير الذي تحدثه.
استخدام قنبلة MK-82 في “مقهى الباقة”
وتعمل قنبلة MK-82 على إحداث موجة تفجيرية هائلة تنتشر عبر الهواء، تولد ضغطًا قويًا وشظايا معدنية تطير بسرعة عالية، ما يجعلها فعالة جدًا في تدمير الهياكل الثقيلة والأهداف العسكرية. لكن هذه الميزة نفسها تُحوّلها إلى سلاح خطير جدًا في المناطق المدنية، حيث يمكن أن تسبب دمارًا واسع النطاق في بنى تحتية ومنشآت مدنية، مع خسائر بشرية فادحة.
وبحسب تحليلات خبراء الذخائر الذين فحصوا شظايا القنبلة وصور موقع الغارة، فقد تم التأكد من أن القنبلة المستخدمة هي قنبلة MK-82 أو نسخة معدلة منها، مجهزة بتقنيات توجيه عالية الدقة (مثل نظام توجيه “جيه دام”).
مع ذلك، وعلى الرغم من الدقة المفترضة، فإن النتائج في موقع “مقهى الباقة” كانت كارثية، حيث قُتل عشرات المدنيين، بينهم أطفال ونساء، وجرح آخرون بجروح بالغة.
ماذا يقول القانون الدولي؟
ويُشير الخبراء القانونيون إلى أن استخدام قنابل شديدة التفجير، مثل MK-82، في منطقة مدنية مكتظة هو انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني، التي تحظر استهداف المدنيين أو تعريضهم لأضرار غير متناسبة بالنسبة لأي هدف عسكري محتمل.
وقال جيري سيمبسون، الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش:”استهداف مقهى مزدحم بقنبلة من هذا النوع يدل على أن القائمين على الهجوم كانوا يعلمون تمامًا أن النتيجة ستكون مذبحة بين المدنيين، وهو ما يرقى إلى جريمة حرب تستوجب تحقيقًا دوليًا”.
شهادات الخبراء الميدانيين والحقوقيين
وتأكيدًا لهذه المخاطر، أوضح تريفور بول، خبير الذخائر السابق في الجيش الأميركي، أن وجود نظام توجيه دقيق في القنبلة لا يعفي من مسؤولية الضرر الواسع الذي تسببت به، خصوصًا في منطقة مدنية كثيفة السكان.
وأضاف أن القنبلة “رغم دقتها، فإن تأثيرها التفجيري الواسع يجعل استخدامها في مثل هذه الأماكن غير قانوني”.
ومن جهته، قال الدكتور أندرو فورد، أستاذ قانون حقوق الإنسان:”لا يمكن بأي حال تبرير استخدام قنبلة ثقيلة مثل MK-82 في موقع مدني، فالضرر الذي يلحق بالمدنيين هو ضرر غير متناسب، وهذا يعد خرقًا لجوهر اتفاقيات جنيف”.
ومقهى “الباقة” كان ملاذًا مدنيًا بعيدًا عن أي نشاط عسكري، ولم يكن مشمولاً بأي أمر إخلاء أو مناطق عمليات عسكرية. وفقًا لشهود عيان، لم يكن هناك وجود لأي مقاومة أو معدات عسكرية في المكان أو حوله، إذًا، استخدام قنبلة MK-82 في هذا الموقع يعد اختيارًا يحمل إهمالًا متعمدًا لحياة المدنيين، ويشير إلى تجاهل ممنهج لقواعد الحرب.
وتكشف مجزرة “مقهى الباقة” الجانب الأكثر وحشية لاستخدام الأسلحة الثقيلة في قلب المناطق المدنية، حيث تتحول التكنولوجيا العسكرية إلى وسيلة لإبادة الأبرياء، وتُسطّر فصلاً جديدًا من الدم والألم في سجل الجرائم المستمرة.