شهادات من داخل الزنازين.. ماذا يجري مع المعتقلين السياسيين في سجون السلطة؟

تشهد سجون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية تصعيدًا خطيرًا في الانتهاكات بحق المعتقلين السياسيين، وسط شهادات مروّعة عن تعذيب جسدي ونفسي، وإهمال طبي متعمد، في ظل صمت رسمي يثير تساؤلات واسعة حول واقع الحريات وسيادة القانون.
وكشف المحامي مهند كهراجة، نقلًا عن الأسير مصعب اشتية، تفاصيل صادمة عمّا جرى داخل سجن وقائي بيتونيا، حيث اقتحمت قوة تضم أكثر من 30 عنصرًا مقنّعًا غرف المعتقلين في ساعة متأخرة من الليل، برفقة مدير التحقيق، وشرعت بعملية قمع واسعة النطاق.
وبحسب شهادة اشتية، أُجبر المعتقلون على النوم على الأرض وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، قبل أن يتم سحلهم إلى غرف التحقيق، وتخريب محتويات الغرف بشكل كامل، ثم إنزالهم إلى الزنازين، حيث لا يزال عدد منهم محتجزًا حتى اللحظة، وتخللت العملية تكسير المرافق الصحية “المرحاض”، في مشهد يعكس مستوى متقدمًا من الإهانة المتعمدة.
وتم نقل الأسير مصعب اشتية إلى المستشفى، حيث أمضى يومًا كاملًا، بذريعة التفتيش عن “جوالات”، في وقت يؤكد فيه محاموه أن ما جرى هو حلقة ثالثة من القمع خلال شهرين فقط، ترافق مع تعذيب شديد، شبح متواصل، وإهمال طبي خطير.
انتهاكات داخل سجون السلطة
بالتوازي مع ذلك، حذّرت مصادر حقوقية من تدهور خطير في الحالة الصحية لعدد من المعتقلين السياسيين، من بينهم سليمان الشامي ويزن حنون، في ظل غياب الرعاية الطبية واستمرار ظروف الاحتجاز القاسية.
وفي تطور يعكس تحديًا صريحًا للقضاء الفلسطيني، تواصل أجهزة أمن السلطة اعتقال الناشط مزيد سقف الحيط لليوم الرابع على التوالي، رغم صدور قرار قضائي بالإفراج عنه.
وكانت محكمة في مدينة نابلس قد أصدرت قرارًا بالإفراج عن سقف الحيط، على خلفية توقيفه بسبب رفعه دعوى قضائية ضد رئيس السلطة محمود عباس، تتعلق بما وصفه بـ“المساس بالدستور”، إلا أن القرار القضائي قوبل بالتجاهل، واستمر احتجازه دون أي مسوغ قانوني.
ويُعرف سقف الحيط بنشاطه في الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان، وقد سبق أن تعرض لسلسلة اعتقالات متكررة من قبل أجهزة السلطة، في سياق يراه مراقبون محاولة لإسكات الأصوات الناقدة.
وطالبت مؤسسات حقوقية بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، ووقف سياسة الاعتقال خارج إطار القانون، ومحاسبة المسؤولين عن استمرار الاحتجاز التعسفي، محذّرة من أن تجاهل قرارات المحاكم يشكّل سابقة خطيرة تقوّض ما تبقّى من الثقة بمنظومة العدالة، وتكرّس واقعًا تُدار فيه السجون بعيدًا عن أي رقابة أو مساءلة.




