معالجات اخبارية
أخر الأخبار

هل يروّج بشار المصري لنفسه كخيار جديد على حساب المقاومة؟

أثار منشور نشره رجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري عبر صفحته الرسمية في “فيسبوك”، ردود فعل متباينة بين المتابعين، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتصاعد النقاشات السياسية حول مستقبل القطاع ومرحلة ما بعد الحرب.

وجاء في منشور المصري:”آمل أن تُكلَّل مساعينا بإنهاء الحرب بالنجاح، لا كهدنة مؤقتة فقط، بل كبداية حقيقية لمسار سياسي يُعيد الحق لأصحابه، ويضع حدًّا لسنوات الاحتلال والعدوان… ما دمّره الاحتلال سنُعيد بناءه، وما فُرض علينا بالقوة سنُواجهه بالإرادة والمثابرة. الأولوية الآن لوقف الحرب وإغاثة أهلنا في غزة. تكاتفنا جميعًا هو الأهم، فنحن الفلسطينيون قادرون على بناء دولتنا.”

ورغم أن المنشور جاء بلغة توحي بالدعوة إلى التكاتف والوحدة، اعتبره مراقبون محاولة سياسية محسوبة لتلميع صورة المصري، وتقديمه كوجه مدني يمكنه لعب دور في إعادة إعمار غزة، وربما قيادة مرحلة انتقالية، خاصة في ظل ما يطرح إعلاميًا ودوليًا من سيناريوهات لإعادة تشكيل الحكم في القطاع.

سياق سياسي معروف

والخطاب الذي تضمّنه منشور المصري ينسجم من حيث المضمون مع مواقف سبق أن عبّر عنها في مقابلات صحفية، أبرزها المقابلة التي أجراها قبل أشهر مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية. في تلك المقابلة، دعا المصري إلى نزع سلاح الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأكّد رفضه لمقاطعة إسرائيل، كما دعا إلى إجراء انتخابات فلسطينية وتشكيل حكومة مركزية “شرعية”، بحسب وصفه.

وأشار حينها إلى أن حركة حماس “لن يكون أمامها خيار سوى التنازل عن السلطة في غزة”، معتبرًا أن “وجود جماعات مسلحة” في الضفة والقطاع يتناقض مع مفهوم الدولة، كما عبّر عن حزنه لأحداث 7 أكتوبر، واصفًا منفّذيها بـ”العقول الشريرة”.

وفي ضوء هذه التصريحات، يرى محللون أن منشور المصري الأخير لا يمكن فصله عن محاولته تقديم نفسه كصوت معتدل، قادر على مخاطبة الداخل الفلسطيني والدوائر الدولية في آنٍ معًا، خصوصًا بعد أن روّجت وسائل إعلام إسرائيلية له كمرشح محتمل لإدارة غزة بعد الحرب، بوصفه شخصية “براغماتية” غير مرتبطة بحماس أو السلطة الفلسطينية.

من هو بشار المصري؟

ويُعد بشار المصري أحد أبرز رجال الأعمال الفلسطينيين، وهو مؤسس مدينة “روابي” الحديثة شمال رام الله، والتي أُنشئت بتمويلات ضخمة وتعاون تقني مع شركات إسرائيلية.

كما يمتلك المصري علاقات متينة مع دوائر صنع القرار في واشنطن وتل أبيب، وسبق أن أُشير إلى دوره كمستشار غير رسمي للمبعوث الأميركي السابق آدم بوهلر، الذي لعب دورًا أساسيًا في رسم سياسات إدارة ترمب بالمنطقة، خصوصًا في ملفات التطبيع وإعادة الهيكلة الاقتصادية.

وفي الأوساط الفلسطينية، يُنظر إلى المصري بوصفه ممثلًا للطبقة الاقتصادية الفلسطينية المرتبطة بالخارج، وهو ما يثير حذرًا واسعًا في الشارع الفلسطيني، خصوصًا في ظل ما يُطرح من “خطط إعمار مشروطة” تربط بين التمويل الدولي وإضعاف قوى المقاومة في غزة.

توقيت المنشور ودلالاته

وجاء منشور المصري في وقت بالغ الحساسية، وسط استمرار الهجمات الإسرائيلية المكثفة على غزة، وتدهور الأوضاع الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة. كما يتزامن مع تصاعد الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب، وعودة المقترحات الدولية بشأن “إدارة مدنية” للقطاع، تكون بعيدة عن سيطرة حماس، ومرتبطة بمنظومة اقتصادية–أمنية تحظى بقبول إسرائيلي وأميركي.

ويرى محللون أن توقيت المنشور ليس عفويًا، بل يندرج ضمن محاولة محسوبة لتثبيت حضور المصري في النقاش العام، وطرح نفسه كبديل ممكن، أو “شخصية وسطية” قادرة على لعب دور في المرحلة المقبلة.

وجاء منشور المصري كمؤشر واضح على انخراطه في خطاب يتماهى مع الطروحات الدولية الهادفة إلى إعادة تشكيل الواقع الفلسطيني، من خلال تجاوز قوى المقاومة وتفريغ القضية من بعدها التحرري، تحت لافتات مثل “إعادة الإعمار” و”الاستقرار”.

ففي الوقت الذي تتعرض فيه غزة لدمار غير مسبوق، يروّج المصري لخطاب يعيد إنتاج منطق إدارة الاحتلال عبر وكلاء محليين بمسميات مدنية واقتصادية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى