
في الوقت الذي تعيش فيه غزة واحدة من أعنف مراحل الإبادة الجماعية في تاريخها الحديث، ويتساقط الأطفال والنساء تحت ركام المنازل المحاصرة، احتفل رجل الأعمال الفلسطيني غاندي جابر بافتتاح مشروعه التجاري الضخم “آيكون مول” في بلدة سردا شمال رام الله، وسط أضواء لامعة وحضور رسمي من قيادات في السلطة الفلسطينية وحركة فتح.
غاندي جابر، المُدرج رسميًا على قوائم المطلوبين دوليًا من قبل وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA) بتهم تتعلق بتهريب كميات هائلة من المخدرات، بات اليوم أحد أبرز الوجوه الاقتصادية في الضفة الغربية، بفضل شبكة علاقاته المتغلغلة داخل بنية السلطة، وعلى رأسها علاقاته مع أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، وياسر عباس نجل الرئيس محمود عباس.
غاندي جابر مطلوب دولياً
ورغم أن اسمه لا يزال موثقًا في السجلات الأمريكية كمتورط في جرائم دولية، إلا أن ذلك لم يكن عائقًا أمامه للظهور برفقة مسؤولي السلطة في افتتاح مشروع “آيكون مول”، الذي وُصف بأنه الأكبر والأفخم في الضفة الغربية، وبُني على أنقاض الثقة بين الشعب وقيادته.
مصادر مطّلعة أكدت أن جابر التقى عدة مرات بمسؤولين أمنيين إسرائيليين بوساطة من حسين الشيخ، في محاولة لتسوية وضعه القانوني وتحصين مصالحه الاقتصادية.
وهذا التنسيق الأمني، الذي طالما وُجهت له اتهامات بتقويض النضال الفلسطيني، يبدو أنه بات وسيلة لحماية رجال الأعمال المقربين من دوائر السلطة، حتى وإن كانوا مطلوبين دوليًا.
ما جرى في رام الله لم يكن مجرد احتفال بافتتاح مركز تسوق فاخر، بل كان مشهدًا سياسيًا صادمًا فاضحًا يُجسّد انفصال السلطة عن معاناة الفلسطينيين.
آيكون مول احتفال فاخر في زمن المجازر
ففي اللحظة التي كانت فيها عائلات كاملة تُباد في غزة، كانت السلطة تُشارك في تلميع صورة رجل مثير للجدل، عبر احتفال يعكس انحيازها التام للمال والنفوذ على حساب القيم الوطنية والأخلاقية.
غياب أي توضيح رسمي من السلطة الفلسطينية بشأن الوضع القانوني لغاندي جابر أو مصادر تمويل مشروعه، يُظهر أن ما يجري ليس مجرد تجاهل، بل سياسة احتواء واضحة تهدف لحماية مصالح رجال أعمال بعينهم، حتى لو كان ذلك على حساب سمعة السلطة ودماء الفلسطينيين في غزة.
“آيكون مول” تحوّل في نظر كثيرين إلى رمز للانفصال الكامل بين القيادة الفلسطينية وقاعدة شعبها، في وقت كانت فيه كل دقيقة تمر في غزة تُسجّل مجزرة جديدة.
وبينما كان المواطنون يُشيّعون أبناءهم تحت الأنقاض، كانت السلطة تُصفّق لافتتاح مول فاخر، في واحدة من أكثر لحظات الانفصال السياسي والإنساني فداحةً.