تحليلات واراء

ثائر أبو بكر يحول “التمثيل الدبلوماسي” إلى تشكيك مجاني يطعن ظهر المقاومة

حول ثائر أبو بكر سفير السلطة الفلسطينية لدى غينيا والسفير المفوض غير مقيم في سيراليون، التمثيل الدبلوماسي الذي يفترض أن يرتكز على حماية الشعب الفلسطيني وحقوقه ومصالحه إلى تشكيك مجاني يطعن ظهر المقاومة ويبيض صورة الاحتلال الإسرائيلي وجرائم الإبادة التي يرتكبها.

إذ أن أبو بكر خرج في مناسبتين —خلال عشرة أيام—ليُلمح إلى أن عمليتين ضد أهداف إسرائيلية قد تكونان مفتعلتين أو هدية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في سلوك يُقوض السردية الوطنية ويُضعف ثقة الجمهور بالمقاومين الذين يدفعون أثمانا باهظة ردًا على الإبادة في غزة.

من هو ثائر أبو بكر؟

في 8 سبتمبر/أيلول 2025، قتل مقاومان فلسطينيان ستة إسرائيليين في هجوم عند محطة حافلات على أطراف القدس، أعلنت كتائب القسام مسؤوليتها عنه في اليوم التالي، ليخرج أبو بكر ويقدم على التشكيك بالعملية ودوافعها ويضع نفسه خارج الحقيقة ويُحوِّل النقاش إلى ضجيج سياسي يخدم فقط العدو.

ثم بعد هجوم جسر الملك حسين (أللنبي) أمس 18 سبتمبر/أيلول—الذي قتل فيه جنديان إسرائيليان برصاص سائق شاحنة مساعدات أردني، عاد الخطاب ذاته: أسئلة مواربة، وإيحاءات بأن “هناك ما وراء الخبر”، وكأن دماء المنفذ وتبعات العملية مجرد عناصر في حبكة تلفزيونية.

ويتم ذلك رغم أن وقائع الحادث نشرتها مؤسسات إعلامية كبرى بتفاصيل واضحة عن هوية المنفذ وتداعيات الإغلاق المؤقت للمعبر، فلا مكان هنا لتأويلاتٍ تغسل الحقائق.

ومن يراجع حساب أبو بكر على منصة “إكس” يلحظ ميلًا ثابتًا لربط التصعيدات الأمنية باحتياجات نتنياهو الداخلية -من جلسات محاكمة إلى أزمات ائتلاف- بما يُغذّي سردية تواطؤ أو “هدايا سياسية” كلما وقعت ضربة أو عملية.

وهذا الأسلوب ليس تحليلًا سياسيًا رصينًا؛ إنه تشكيك مُسبق الصنع يُستدعى عند الطلب، ويصيب الرسالة الفلسطينية في مقتل: مجتمع محاصر ومجوع ومستباح، ثم يأتي صوت رسمي فلسطيني ليشكك في كل فعل مقاوم بدل أن يُحاجج العالم بجرائم الاحتلال.

تغريدات ثائر أبو بكر

من المعروف أن الدبلوماسية ليست منبر “ترند” ووظيفة السفير أن يُراكم رأسمالًا أخلاقيا وسياسيا لقضيته، وأن ينسق الرواية الرسمية مع الحقائق الميدانية، لا أن يصب الزيت على نار الانقسام ويُسلم خصوم الشعب الفلسطيني ذخيرة دعائية مجانا.

وحين يكون السجل العام للشخصية مثقلا بسلوك جدلي على المنصات—سبق أن أثار موجات انتقادٍ داخلية حادة بسبب منشورات مسيئة لفصائل فلسطينية—فإن الحاجة ماسة إلى مراجعة جديّة لمعايير اختيار وتقييم ممثلي فلسطين في الخارج.

إذ على مستوى الرسالة الاستراتيجية، فإن التشكيك غير المُسند ينتج كلف مباشرة أبرزها سحب الشرعية الرمزية عن فعل المقاومة في لحظة يعترف فيها العدو نفسه بوقوع الضربة ونتائجها، كما حدث في القدس المحتلة.

كما أنه يربك الشارع الفلسطيني والعربي ويُشتت بوصلة التضامن الدولي التي ينبغي أن تظل مركزة على جريمة الإبادة والحصار، لا على “فرضيات” لا دليل لها.

فضلا عن أنه يُضعف قدرة الدبلوماسية الفلسطينية على التحدث بصوت واحد في عواصم العالم، خصوصا حين تُوظف الحكومات وشبكات الضغط كل شق وخلاف داخلي لإدانة الضحية بدل الجلاد.

ويشدد مراقبون على أن التشكيك في دوافع وأهداف عمليات يقر العدو بوقوعها هو تخلٍ عن أبجديات الوقائع لصالح مزاجية سياسية تُروج على هيئة “أسئلة”.

وبحسب المراقبين فإن إن الفلسطينيين اليوم أحوج ما يكونون إلى خطاب رسمي صلب ومتماسك يُسمي الجريمة باسمها، ويُدافع عن حقّهم في المقاومة المكفول دوليا، ويحاكم الاحتلال على الأرض وفي المحافل الدولية، بدل أن يطعن ظهور المقاومين بتلميحاتٍ تُسعد ماكينة الدعاية الإسرائيلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى