معالجات اخبارية

مصير مجهول لماجد فرج مع تعيين نائبين له بقرار من عباس

أدى اللواءان معين فلاح محمد السكران، وناصر مصطفى عدوي، اليوم الأحد، اليمين القانونية أمام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، نائبين لرئيس جهاز المخابرات العامة.

وجرت مراسم أداء اليمين القانونية في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، بحضور رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج الذي لا يزال مصيرا مجهولا وتدور حوله الكثير من التكهنات.

ويبرز هنا أن تعيين نائبين لفرج لم يسبقه تفسير رسمي، ويأتي في سياق تغييرات أمنية واسعة قادها عباس خلال الأشهر الماضية، دفعت المراقبين للقول إن الخطوة قد تندرج في خانة إدارة التوريث السياسي وترتيب مراكز النفوذ داخل المؤسسة الأمنية.

وتظل إدارة جهاز المخابرات بقيادة ماجد فرج بحسب ما تردده تقارير محلية ودولية، تحت ضغط داخلي وخارجي معا، ما يفتح باب التأويلات حول مصير فرج الفعلي: هل سيظل قائداً صوريًا بينما تُبنى شراكات جديدة داخل الجهاز؟ أم أن التعيين يهيئ لانتقال تدريجي في القيادة؟ .

وتجعل الحالة السياسية المحيطة بالقرارات من تعيين ناصر العدوي ومعين السكران رسالة مزدوجة: من جهة، احتفاظ عباس بفرج في موقعه يعطي انطباعاً بالاستمرارية؛ ومن جهة أخرى، ملء المناصب العليا بنواب منتمين إلى أطر بعينها يمثل كفَّة تحكم وتحالف داخل المؤسسة الأمنية.

ويعتبر أن هذه الديناميكية ليست جديدة؛ فقد شهِدَت السلطة سلسلة تبديلات في شتّى أجهزة الأمن في محاولة لإعادة تمرير ولاءات وموازنة ضغوط داخلية وخارجية.

من هو اللواء ماجد فرج ؟

تنبع الحساسية الأكبر في هذه الخطوة من الأسماء نفسها والملفات التي ترافقها على نحو مثير للجدل.

فعلى صعيد ناصر عدوي، تتواتر في الإعلام المحلي والتسريبات اتهامات بتورط جهازه في ملف اغتيال الناشط نزار بنات عام 2021، حيث ظهرت روايات وتسريبات داخلية تشير إلى إشراف أو دور تنسيقي لجهات داخل المخابرات، وذُكِر اسم عدوي في هذه السرديات.

وبالنسبة للواء السكران، فإن سجله في الأجهزة الأمنية يحمل اتهامات مهنية وأخلاقية مرتبطة بملاحقة مجموعات مقاومة وخلية “عرين الأسود” في نابلس، بالإضافة إلى اتهامات فساد مرتبطة بأنشطة تجارية مقترنة بوظائف أمنية.

وتصب هذه الاتهامات، في إطار صورة أوسع عن علاقة بعض عناصر الأجهزة بممارسات تُغذي الاستياء المجتمعي وتغلق أمامهم سبل التبرير السياسي.

وفي المشهد السياسي، يواجه عباس معضلة؛ فهو يريد إحداث تجديد ظاهر في الأجهزة الأمنية (منح رتب، استبدال قادة، ضخ وجوه مقربة من الحرس الرئاسي)، لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع أن يجرّح حليفاً أو شخصية مهمة في شبكاته الداخلية بسرعة، خصوصاً في ظل حالة الاستقطاب الداخلي والضغوط الإقليمية والدولية.

لذلك، تبدو خطوة تعيين نواب لرئيس المخابرات حلّاً وسطياً: احتفاظ بفرج ورمزيته، مع توزيع نفوذ عملي لفئة جديدة داخل المؤسسة.

لكن ثمة مخاطرة سياسية وأمنية في هذه المعادلة، إذ أن استمرار وجود شخصيات مُثيرة للجدل في مراكز القرار يعمّق فجوة الثقة مع قطاعات من الجمهور والفصائل التي تطالب بمحاسبة ومساءلة.

كما أن أي إحساس بأن تجاوزات أو ملفات فساد أو قمع جماهيري لن تُحاكَم قد يؤدي إلى تفاقم الاحتقان، بل إلى تآكل شرعية أجهزة السلطة نفسها.

وفي المقابل، لو اختارت الرئاسة المسار التحقيقي الشفاف—تشكيل لجنة مستقلة، كشف نتائج التحقيقات، ومعالجة الملفات القانونية—قد يُخفّف ذلك من العواقب السياسية ويعيد بعض الشرعية للمؤسسة.

وبالمجمل فإن تعيين النائبين لرئيس جهاز المخابرات هو فصل جديد في رواية أعادت تشكيل المؤسسة الأمنية الفلسطينية؛ بما يفتح تساؤلات جدّية حول المسار المقبل لقيادة جهاز المخابرات ومكانة ماجد فرج.

فهل سيبقى فرج قائداً بصلاحيات فعلية أم سيتحوّل إلى رمز بينما تُدار الملفات الحاسمة من خلف الكواليس؟ الإجابة لن تتبلور إلا بخريطة تحالفات عباس الداخلية، ومدى الضغوط التي يتلقاها من قوى إقليمية ودولية في الأشهر المقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى