معالجات اخبارية

مسؤول عسكري إسرائيلي: فشلنا في القضاء على حماس وسجلنا إخفاقًا عسكريًا وتاريخيًا

أقرّ الرائد في جيش الاحتياط الإسرائيلي جلعاد آخ – رئيس حركة “جنود احتياط حتى النصر” – بأنّ الجيش الإسرائيلي فشل فشلًا ذريعًا في تحقيق هدفه الرئيسي المعلن منذ عامين: القضاء على حركة حماس، مؤكدًا أن نتائج الحرب على غزة تمثل “إخفاقًا عسكريًا وتاريخيًا لإسرائيل” لم تشهد له المؤسسة العسكرية مثيلًا منذ تأسيسها.

وقال آخ، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام عبرية، إن “الجيش الإسرائيلي بكل ما يملكه من ترسانة وأجهزة استخبارية ودعم أميركي غير محدود، عجز عن كسر حماس أو إنهاء وجودها العسكري والسياسي، رغم الدمار الهائل الذي ألحقه بقطاع غزة”، مشيرًا إلى أن الحركة “بقيت صامدة، تمارس الحكم وتحتفظ بقدراتها العسكرية رغم كل شيء”.

وأوضح الضابط الإسرائيلي أن “الجيش الذي تمكن من تنفيذ عمليات نوعية ضد إيران والحوثيين في البحر الأحمر وضد فصائل أخرى في سوريا، لم يتمكن من إنهاء حماس في شريط ساحلي صغير ومحاصر”.

وأضاف: “من الواضح أن ما جرى في غزة ليس انتصارًا بل فشل مزدوج – استخباراتي وعسكري – كشف حدود القوة الإسرائيلية، وأثبت أن الردع الذي بنته (إسرائيل) خلال عقود قد تبخر بالكامل”.

وتابع آخ بالقول: “لقد قاتلنا عامين كاملين، دمّرنا كل ما يمكن تدميره، واغتلنا المئات من القادة الميدانيين، لكننا في النهاية نواجه الحركة نفسها التي بدأت الحرب أقوى من أي وقت مضى في المعنى المعنوي والسياسي”.

“حماس حققت ما لم تحققه الجيوش العربية”

في حديثه، قارن الضابط الإسرائيلي أداء حماس بنتائج الحروب العربية السابقة مع إسرائيل، قائلاً: “حماس حققت ما لم يحققه حزب الله في لبنان ولا الجيوش العربية في حروبها مع (إسرائيل). فبينما انتهت كل تلك الحروب باتفاقيات أو انسحابات محدودة، خرجت حماس من هذه الحرب كقوة سياسية وشعبية أكثر رسوخًا، رغم كل ما خسرته ماديًا”.

وأشار إلى أن الحركة “لم تكتفِ بالصمود الميداني، بل فرضت معادلات جديدة على طاولة المفاوضات”، لافتًا إلى أن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة التي رعاها الرئيس الأميركي دونالد ترامب “أظهرت أن (إسرائيل) اضطرت للتفاوض من موقع الضعف، بعدما عجزت عن فرض شروطها”.

وتعكس اعترافات آخ، الذي يُعدّ من أبرز الأصوات داخل حركة الاحتياط الإسرائيلي المنتقدة للحكومة والجيش، حالة من القلق والارتباك داخل المؤسسة العسكرية.

فقد باتت أوساط عديدة في الجيش والأمن ترى أن الحرب على غزة “استُنزفت دون جدوى”، وأنّ “القيادة السياسية والعسكرية لم تحدد أهدافًا واقعية منذ البداية”.

وفي هذا السياق، قال الضابط الاحتياطي: “إذا كنا نطلق على حربٍ كهذه اسم انتصار، فما هو الفشل إذًا؟ لقد خسرنا أكثر من 1800 جندي وضابط، وتكبدنا أسوأ أزمة أمنية داخلية منذ حرب 1973، ومع ذلك، لا تزال رايات حماس مرفوعة في غزة، وقياداتها تتحدث من قلب القطاع”.

وأضاف آخ بمرارة: “لقد اعتقدنا أن تدمير الأبراج والبنى التحتية سيكسر إرادة القتال، لكن المقاومة ازداد صلابتها مع كل يوم من الحرب. كنا نعتقد أننا نواجه ميليشيا، فاكتشفنا أننا أمام تنظيم عقائدي لا يخضع لمنطق الهزيمة”.

وقف إطلاق النار في غزة

أبدى آخ قلقه من تداعيات صفقة تبادل الأسرى الجارية، معتبرًا أن “إطلاق سراح قيادات المقاومة سيُعيد إنتاج الجيل الذي هزّ الجيش الإسرائيلي”.

وقال: “كل مرة نُطلق فيها الأسرى، يظهر يحيى السنوار جديد. وها نحن اليوم نعيد الخطأ نفسه. ماذا سيفعل هؤلاء غدًا صباحًا؟ سيعودون لتنظيم الصفوف وقيادة المعركة القادمة”.

وأشار إلى أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية “تعلم تمامًا أن القضاء على الفكرة المقاومة أصعب من القضاء على الأفراد”، مضيفًا أن “كلما حاولنا إنهاء حماس عسكريًا، خرجت من تحت الركام أقوى وأكثر تصميمًا”.

ويصف مراقبون تصريحات آخ بأنها الأكثر وضوحًا بين الاعترافات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب، إذ تعكس إقرارًا رسميًا بأن المشروع الإسرائيلي في غزة – القائم على “الردع الكامل” – قد انهار.

ويرى محللون في تل أبيب أن الجيش الإسرائيلي يواجه اليوم تحديًا أخلاقيًا واستراتيجيًا، بعدما فشل في إعادة الأسرى بالقوة، وعجز عن فرض واقع جديد في القطاع.

وبينما يحاول قادة الجيش الترويج لفكرة “النصر الجزئي”، تبدو الحقيقة أكثر قسوة: دولة الاحتلال خرجت من حرب غزة مثقلة بالهزيمة المعنوية والسياسية، فيما خرجت حماس – رغم دمار القطاع – كقوة باقية تتحدى الاحتلال، وتعيد رسم موازين القوى في المنطقة.

وباعتراف أحد ضباطها الكبار، “الفشل في القضاء على حماس ليس مجرد إخفاق عسكري، بل إخفاق تاريخي سيبقى يلاحق الجيش الإسرائيلي جيلاً بعد جيل.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى