تحليلات واراء

مؤامرة أمريكية جديدة لتوفير غطاء إطالة أمد الحرب على غزة

يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى منطقة الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء في محاولة لبلورة مؤامرة جديدة يرى مراقبون أنها تستهدف توفير غطاء لدولة الاحتلال الإسرائيلي لإطالة أمد الحرب على غزة.

ويجمع المراقبون على أن الإدارة الأمريكية تسعى بجلاء للتغطية على أهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للاستمرار في الحرب والتهرب من استحقاقات اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.

وتخلت واشنطن سريعا عن مقترح الرئيس جو بايدن الذي أعلنه في 2 تموز/يوليو الماضي والذي وافقت عليه حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وفصائل المقاومة.

وبينما يٌعتقد على نطاق واسع أن مقترح بايدن كان في أساس عرضا إسرائيليا، فإن نتنياهو الذي فوجئ بموافقة حماس، وخشي من اليوم التالي للحرب وصعوده إلى مقصلة التحقيق في فشله ب7 أكتوبر، ومضى نتنياهو سريعا لإفشال الأمر عبر ارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة ومحاولة فرض شروط جديدة.

تنصل نتنياهو من التفاهمات السابقة

وتراجع نتنياهو عن سلسلة بنود أساسية في مقترح بايدن وحاول فرض اشتراطات جديدة أهما أن وقف إطلاق النار الدائم يتم بحثه في المرحلة الثانية من الاتفاق الذي لا يجب أن يشمل انسحاباً شاملاً من القطاع.

وحاول نتنياهو فرض استمرار احتلال معبر رفح بسيطرة إسرائيلية مباشرة، واستمرار احتلال ممر فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر إلى جانب استمرار احتلال مفترق نتساريم والتحكم في حركة المواطنين.

كما سعى نتنياهو إلى فرض تحديد أسماء 100 أسير في صفقة التبادل مع استثناء المؤبدات من الصفقة وضرورة إبعاد 150 اسير الى خارج فلسطين، مع ربط الإغاثة الإنسانية بالموافقة على مطالبه وتأجيل محادثات إعادة الاعمار ورفع الحصار إلى ما بعد المرحلة الأولى.

وبحسب المراقبين يهدف نتنياهو لإطالة أمد الحرب أكثر في قطاع غزة في محاولة لابتزاز فصائل المقاومة بتقديم تنازلات أكبر وخدمة لمصالحه السياسية بالحفاظ على ائتلافه الحكومي ومنع محاسبته شخصيا.

جولة بلينكن الجديدة

وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن بلينكن عمد إلى تخطى دولة الاحتلال الإسرائيلي في جولته الجديدة بالتوجه إلى مصر مباشرة لإجراء مناقشات حول فرص وقف إطلاق النار في غزة.

وذكرت الصحيفة أن توقف بلينكن المخطط له في القاهرة، وليس “تل أبيب”، هو أحدث إشارة إلى أن الاختراق بات على بعد أسابيع، في أفضل الأحوال.

وبحسب الصحيفة تهدف الرحلة، وهي العاشرة التي يقوم بها بلينكن إلى المنطقة منذ بدء الحرب على غزة، إلى محاولة طمأنة “إسرائيل” بشأن مزاعم تهريب الأسلحة عبر ممر فيلادلفيا بين القطاع ومصر.

وتأتي زيارة بلينكن إلى القاهرة بعد إعلان الأسبوع الماضي أن وزارة الخارجية الأمريكية ستمنح مصر كامل مخصصاتها من المساعدات المالية العسكرية، بإجمالي 1.3 مليار دولار، متجاوزة بذلك المخاوف القديمة بشأن حقوق الإنسان لإعطاء الحكومة هناك كل ما وعدت به.

ووضع نتنياهو مطالبه بالاستمرار بالتواجد العسكري على حدود غزة ومصر في مقدمة اشتراطاته لعرقلة مفاوضات وقف إطلاق النار، غير أن الفلسطينيين وحتى المصريين يرفضون أي وجود إسرائيلي على طول المنطقة الحدودية التي يبلغ عرضها 100 ياردة وطولها تسعة أميال.

تبييض صورة واشنطن

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للحرب على غزة ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية بعد ثمانية أسابيع، تحرص إدارة بايدن على الظهور إعلاميا بأنها تحاول كل ما في وسعها لإتمام صفقة وقف إطلاق النار.

وكان بلينكن، مثل كبار المسؤولين الأميركيين الآخرين، قد فشل في إيصال المفاوضات إلى خط النهاية، في وقت ظلت واشنطن تتواطآ بشكل صريح في حرب الإبادة ضد الفلسطينيين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحفيين يوم الاثنين إن الولايات المتحدة تعمل مع شركائها لوضع عرض جديد على الطاولة “يمكن أن يدفع الأطراف إلى اتفاق نهائي”.

وزعمت إدارة بايدن منذ فترة طويلة أن الاتفاق بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية من شأنه أن يهدئ التوترات في الشرق الأوسط بما في ذلك منع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم ليسوا منزعجين من عدم توقف بلينكن في تل أبيب لعقد مشاورات، لأن المفاوضات مستمرة على مستوى أطقم العمل.

ويقول المحللون بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” إن تجنب إسرائيل يقلل من فرص قول بلينكن شيئاً عن حالة المفاوضات، وخاصة في ظل عدم رغبة نتنياهو في إبرام صفقة، وهو ما من شأنه أن يثير استنكار رئيس الوزراء الإسرائيلي.

نتنياهو يحصن تشكيلته الحكومية

وفي ذات السياق، يرى مراقبون أن خطوات نتنياهو لإقالة وزير الجيش يوآف جالنت واستبداله بغريمه السابقة جدعون ساعر، تأتي في سياق مساعي نتنياهو في تعزيز موقفه داخل الحكومة المتمسك باستمرار الحرب وادامة الصراع، خوفا من اليوم التالي للحرب ومقصلة التحقيق في فشل 7 أكتوبر.

ورغم نفي نتنياهو وساعر وجود اتصالات لانضمام الأخير للحكومة، إلا أن العديد من السياسيين الإسرائيليين أكدوا أنه يسعى لاقالة جالنت واستبداله بساعر الذي يرفض ابرام صفقة تبادل لاستعادة الأسرى في غزة، ويبدي حماسة لاستمرار الحرب وإدامة الصراع.

وجاءت أبرز التعليقات من الوزير السابق في «كابينت الحرب»، بني غانتس، الذي قال إن نتنياهو يعاني من سوء تقدير وتشوه في الأولويات، وبدلا من أن ينشغل في إعادة المختطفين والحرب مع حزب الله، والعودة الآمنة لسكان الشمال، فإنه ينشغل بالتحالفات السياسية الساخرة، وتغيير وزير الحرب قبل حملة ضخمة في الشمال”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى