تحليلات واراء

جسور نيوز تكرس نفسها واجهة دعائية لميليشيات غزة المدعومة من الاحتلال

كرست منصة جسور نيوز الممولة إماراتيا والتي تتخذ من واشنطن مقراً لرئيسة تحريرها هديل عويس، نفسها واجهة دعائية لميليشيات غزة التي تعمل تحت إشراف وإمرة الاحتلال الإسرائيلي داخل القطاع.

وعلى الرغم من أن المنصة تعرّف نفسها على موقعها بأنها “غير تابعة لأي جهة سياسية” وأنها “تنحاز لقيم حرية التعبير وحقوق الإنسان”، إلا أن المحتوى المنشور عبر منصاتها يوثق نمطاً متكرراً من الانحياز الواضح لصالح ميليشيات عميلة وتقديمها بصيغة تبريرية تتقاطع مع الرواية الإسرائيلية الرسمية.

إذ تقوم جسور ببث تسجيلات مصوّرة لهذه الميلشيات المسلحة حصرياً، بما يشمل مشاهد تظهر عمليات إعدام ميداني واعتقالات قسرية واستجوابات تجري دون أي إشراف قضائي.

وتضمّ قيادة هذه الميليشيات شخصيات كانت منخرطة سابقاً في تنظيم داعش، أبرزها غسان الدهيني، بالإضافة إلى حسام الأسطل، اللذين ظهرا مراراً في تسجيلات تبثها جسور نيوز بصفة حصرية، بصفتهم “مسؤولين” عن ضبط الوضع الأمني في بعض مناطق القطاع.

وتحمل التسجيلات التي تبثها جسور لغة تقترب من الخطاب الأمني الإسرائيلي، وتعيد تقديم هذه الميليشيات على أنها “قوى محلية” تعمل لـ“حفظ النظام”، رغم توثيق ممارسات تُصنَّف في القانون الدولي على أنها جرائم حرب، من بينها استخدام الأطفال في الأعمال العدائية وتجنيد قاصرين واستهداف مدنيين أثناء عمليات الاعتقال.

جسور نيوز ويكيبيديا

رغم مزاعم تأكيد جسور نيوز على “الحياد” و“المهنية”، تظهر المنشورات الواردة عبر منصاتها انحيازاً متصاعداً لهذه المجموعات، من خلال منحها مساحة حصرية لخطابات قادتها وتقديم روايات تبريرية للعمليات العنيفة التي يتم تنفيذها على الأرض.

والأخطر تعمد المنصة تجنب وصف ممارسات الميليشيات العميلة بالسلوكيات الخارجة عن القانون أو الإشارة إلى خطورتها على السكان المدنيين في قطاع غزة.

ويأتي هذا التوجه الإعلامي في وقت توثق جهات حقوقية دولية ارتكاب الميليشيات العميلة انتهاكات واسعة النطاق، بعضها موثق بالصوت والصورة، بما في ذلك إطلاق النار على محتجزين، والقيام بعمليات تصفية علنية، واستخدام القوة المميتة خارج أي إطار قانوني.

وتتولى هديل عويس، المقيمة في واشنطن، الإشراف على المحتوى التحريري لمنصة جسور نيوز، وقد ظهرت في عدة مناسبات إعلامية وهي تروج لنهج يركّز على “الفوضى الأمنية” داخل غزة، مع تسليط الضوء على ضرورة وجود “جهات محلية منضبطة” وهي العبارات نفسها التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي في تبرير دعمه لهذه الميليشيات.

ويرى مراقبون أن هذا التوجه يشكل تقاطُعاً إعلامياً مباشراً مع السياسات الإسرائيلية الساعية إلى خلق بنية أمنية محلية بديلة عن المؤسسات الفلسطينية، تعمل في مرحلة ما بعد الحرب داخل القطاع.

واللافت في محتوى جسور أن المنصة تبث تسجيلات لأعمال عنيفة تشمل ضرباً وإهانة للموقوفين وتصوير اعترافات قسرية دون تقديم أي سياق حقوقي أو إشارة إلى مخالفتها لمعايير القانون الدولي الإنساني.

كما أن نشر هذه المواد بصفتها “عمليات ضبط” يساهم في تطبيع انتهاكات خطيرة يتم ارتكابها بحق المدنيين، في الوقت الذي تُعدّ فيه هذه التسجيلات أدلة مباشرة على وجود مجموعات مسلّحة تعمل خارج القانون وتحت رعاية قوة احتلال.

ويتزامن التصعيد الإعلامي لجسور مع تحركات إسرائيلية تهدف إلى تشكيل بنى أمنية محلية في غزة تعمل وفق مصالحها، وهو ما يجعل الدور الإعلامي للشبكة جزءاً من مشهد أوسع لإعادة صياغة السلطة على الأرض.

ويشير محللون إلى أن بث تسجيلات الميليشيات حصرياً عبر جسور يمنح هذه المجموعات “غطاءً إعلامياً” يساعد على ترسيخ وجودها شعبياً، وإعادة تقديمها كجهات منظّمة يمكن الاعتماد عليها، على الرغم من الفشل المستمر في تحقيق هذا الهدف الإسرائيلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى