جسور نيوز تشن حملة تحريض مدفوعة لتشويه عهد التميمي وكسر صوت المقاومة

في مشهد يعكس بوضوح تلاقي المال السياسي مع الدعاية الإسرائيلية، أطلقت منصة “جسور نيوز” الممولة إماراتيًا حملة تحريض ممنهجة ضد الناشطة عهد التميمي، مستخدمة إعلانات ممولة بمئات الدولارات، في محاولة فاضحة لشيطنة واحدة من أبرز الأصوات الوطنية التي أعلنت بوضوح انحيازها لمقاومة شعبها، ورفضها لنهج السلطة الفلسطينية الخانعة للاحتلال.
وجاءت هذه الحملة ضمن مسار متكامل بدأه مرتزقة شبكة أفيخاي وأذرع الدعاية الإسرائيلية، قبل أن تتلقفه منصات ممولة من الإمارات ودول التطبيع، لتؤدي الدور القذر نفسه بضرب الرموز الوطنية الفلسطينية، وتجريم خطاب المقاومة، وحماية سلطة أوسلو من أي مساءلة داخلية.
والبارز أن عهد التميمي لم تقل أكثر مما يقوله الشارع الفلسطيني يوميًا بأن السلطة الفلسطينية أصبحت عبئًا على القضية، وإنها عاجزة ومكبلة بإرث أوسلو، وأن المقاومة حق مشروع لشعب يرزح تحت احتلال استيطاني دموي.
من هي عهد التميمي ؟
يصف الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين تصريحات عهد بأنها “كلام عميق وجريء وصريح”، مشيرًا إلى أن ما فجّر الهجوم المسعور ضدها لم يكن لهجتها، بل جوهر رسالتها.
فقد دعت التميمي بوضوح إلى رحيل السلطة، وأكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية – لا سلطة الحكم الذاتي – هي الإطار التمثيلي للشعب الفلسطيني، وسخرت من خطاب “الضحية” الذي تتقنه القيادة بدل تحمّل المسؤولية.
والتحريض على عهد التميمي لا يمكن فصله عن حقيقة حساسة بأنها محسوبة تاريخيًا على حركة فتح وهي ذاتها التي احتفت بها الأوساط الرسمية والإعلامية بعد اعتقالها عام 2017، ورفعتها إلى مصاف “الأيقونات الوطنية”. لكن حين رفضت التحول إلى صورة مفرغة من المضمون، وأصرت على قول الحقيقة، انقلب المشهد.
وبحسب عز الدين، فإن ما لا يغتفر في نظر السلطة وأنصارها الرقميين هو أن النقد جاء من داخل البيت الفتحاوي نفسه. فصوت كهذا لا يمكن تخوينه بسهولة، ولا يمكن وصمه بالانتماء لـ“محور خارجي”، ما يجعله أخطر بكثير من أي معارض تقليدي.
أزمة شرعية تتسع… والهجوم محاولة إخماد
يأتي الهجوم على عهد التميمي في سياق أوسع من تآكل الشرعية الداخلية للسلطة الفلسطينية.
فقبلها، وجّه المفكر والمؤرخ الفلسطيني رشيد الخالدي انتقادات قاسية لبنية السلطة ووظيفتها.
واليوم، تتكرر الظاهرة مع شخصيات ووجوه من داخل فتح نفسها، ما يضع علامات استفهام خطيرة حول مستقبل القيادة الحالية، وحول محاولات توريث السلطة لشخصيات مثل حسين الشيخ في ظل هذا الانهيار الشعبي والتنظيمي.
هنا، يصبح استهداف عهد ضرورة سياسية بالنسبة للسلطة وحلفائها الإقليميين سعيا لمحاولة إسكات النموذج قبل أن يتحول إلى حالة.
“جسور نيوز”… إعلام مدفوع في خندق واحد مع الاحتلال
انضمام منصة “جسور نيوز” إلى حملة التحريض ليس تفصيلًا عابرًا. فالمنصة معروفة بخطابها المعادي للمقاومة، وبتموضعها السياسي المنسجم مع أجندة التطبيع. استخدام إعلانات ممولة لمهاجمة ناشطة فلسطينية هو فعل سياسي بامتياز، لا علاقة له بالإعلام أو المهنية.
وبحسب مراقبين فإن ما يجري هو تطابق كامل بين خطاب جسور نيوز وخطاب الدعاية الإسرائيلية بأن المقاومة خطر، منتقدو السلطة فوضويون، وكل صوت حر يجب تشويهه أو تخوينه وذلك في إطار إعلام يؤدي وظيفة أمنية، لا صحفية.
كما أن الهجوم على عهد التميمي ليس استهدافًا لشخص، بل محاولة لكسر نموذج المناضل الذي لم يساوم، ولم يتكيّف مع معادلات أوسلو، ولم يقبل أن يكون ديكورًا وطنيًا.
لذلك، تكاملت الأدوات بخطاب رسمي مأزوم، وجيوش إلكترونية، ومنصات إقليمية ممولة، جميعها في خندق واحد ضد أي صوت يعيد الاعتبار للمقاومة كحق، لا كجريمة.






