لماذا مصداقية أوروبا على المحك بالتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية؟
باتت مصداقية أوروبا على المحك بشأن التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية بعد إصدارها مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش السابق يؤاف جالانت.
وقال المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في تقدير موقف، إن إصدار المحكمة الجنائية أوامر الاعتقال بحق نتنياهو يشكل اختبارا للمبادئ الأوروبية، كونها المرة الأولى التي تستهدف محكمة دولية زعيم حليف غربي.
ووجدت الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية أن هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت مسؤولان عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من خلال منع المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية.
كما وجدت أن هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت مسؤولان كرئيسين عن جريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجمات متعمدة على السكان المدنيين في مناسبتين على الأقل.
وبحسب المجلس الأوروبي تعني أوامر الاعتقال أن جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية ــ بما في ذلك جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والنرويج والمملكة المتحدة ــ ملزمة باعتقال الأفراد المعنيين إذا دخلوا أراضيها.
وقد أعلنت بالفعل عدة دول أوروبية، بما في ذلك أيرلندا وهولندا، أنها ستلتزم بهذه الأوامر.
وحذر المجلس من أن مذكرة الاعتقال ضد نتنياهو ستجلب ضغوطا سياسية مكثفة على المحكمة الجنائية الدولية. وباعتبارها داعمة تاريخية للمحكمة وسيادة القانون الدولي، ينبغي لجميع الدول الأوروبية – حتى الأكثر تأييدا لإسرائيل – أن توضح أنها تدعم المحكمة كهيئة قضائية مستقلة وأنها ستنفذ أوامر الاعتقال.
وقال إنه ينبغي للدول الأوروبية أن تتجنب أي تصريحات أخرى تقوض المحكمة أو تشكك في شرعيتها، كما فعل وزير خارجية المجر في الرد على إعلان المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح أنه نظرا للدعم الأوروبي القوي لمذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في مارس/آذار 2023 ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، فإن مثل هذه التصريحات تقوض مصداقية أوروبا.
وأضاف “كما ينبغي أن تغير مذكرات التوقيف من الطريقة التي يتعامل بها المسؤولون الأوروبيون مع نتنياهو في إسرائيل أو خارج أراضيهم. ففي حالات سابقة (كما حدث مع الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا، الذي انتُخِب بعد صدور مذكرة التوقيف ضده)، تبنى المسؤولون الأوروبيون سياسة تجنب الاتصال غير الضروري مع المتهمين أو الذين يواجهون مذكرة اعتقال بتهمة ارتكاب جرائم دولية. وينبغي لهم أن يتبعوا نفس السياسة في هذه الحالة”.
وبحسب المجلس الأوروبي فإنه من المرجح أن تثير خطوة المحكمة الجنائية الدولية انتقادات شديدة وربما إجراءات ضد المحكمة من جانب الرئيس الأميركي القادم دونالد ترمب، في حين رفضت الإدارة الحالية القرار بالفعل.
ففي ولايته الأولى، أصدر ترمب عقوبات ضد مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية بعد أن قالت المحكمة إنها تحقق في تصرفات الولايات المتحدة في أفغانستان.
وقال مايك والتز، مرشح ترمب لمنصب مستشار الأمن القومي، بعد إصدار أوامر الاعتقال إنه سيكون هناك “رد قوي على التحيز المعادي للسامية من جانب المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني”.
وأكد المجلس أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يستعد لهجوم أميركي على المحكمة الجنائية الدولية من خلال توضيح رفضه لأي ضغوط سياسية على المحكمة أو مسؤوليها ومقاومة أي ضغوط أميركية لقطع علاقاته ودعمه للمحكمة.