الهجمات على مستشفى كمال عدوان تجسد الوجه الأكثر دموية للاحتلال
يصف مرضى في مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة مشاهد مروعة بينما يصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء مستمرة بما يجسد الوجه الأكثر دموية للاحتلال.
وقد تم استهداف مستشفى كمال عدوان بشكل متكرر خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 14 شهرًا، بما في ذلك الغارات البرية التي شنتها القوات الإسرائيلية، مما ترك المستشفى بدون إمدادات الأكسجين والضروريات الأساسية.
وقد أدت الهجمات على المنطقة المحيطة بالمستشفى إلى تحويلها إلى أنقاض، مما دفع النازحين إلى الاختباء في أنقاض المباني القريبة، غير قادرين على المغادرة خوفًا من القتل.
قال الدكتور منير البرش مدير عام وزارة الصحة في غزة إن “المستشفى تعرض لهجوم غير مسبوق مساء الأحد، وتستمر مثل هذه الاعتداءات يوميا، مما يعرض حياة الطاقم الطبي والمرضى لخطر شديد “.
فيما قال حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان إن مولدات المستشفى تعرضت للقصف وأن “الجيش يحاول استهداف خزان الوقود المليء بالوقود ويشكل خطر حريق كبير”.
وتعرضت عدة أقسام في المستشفيات للقصف مساء السبت وحتى الأحد، بما في ذلك وحدة العناية المركزة – الوحدة الوحيدة في شمال غزة – وكذلك قسم الولادة ووحدة الأطفال حديثي الولادة ومرافق أخرى.
وقال الدكتور أبو صفية في مقطع فيديو نشره على إنستغرام إن أكثر من ثمانين مريضًا ما زالوا يتلقون العلاج في المنشأة.
فيما قال الدكتور البرش “إننا نواجه صعوبات في التواصل مع الفرق الطبية، ونطالب بشكل عاجل بتوفير الحماية لهم، لأنهم داخل منشأة مدنية محمية بموجب كافة القوانين والمواثيق والأعراف الدولية”.
ومع تقدم الليل، تجمع موظفو المستشفى في الممرات بحثًا عن الأمان مع اقتراب الضربات. وأظهرت الصور على وسائل التواصل الاجتماعي المرضى وهم يرقدون على الأسرة أو على الأرض، متكدسين في الممرات.
وقال المريض مصعب أبو عميرة (34 عامًا) إن القصف لم يتوقف طوال الليل، وأن طائرة بدون طيار حلقت فوق الناس تطلب منهم البحث عن مأوى.
وأضاف “بعد ساعات، اتصلت بنا الطائرة بدون طيار لإخلاء المستشفى. خلال ذلك الوقت، تحولت المنطقة إلى كرة من النار، وتجمع المرضى والمرافقون والأطباء معًا في ممرات المستشفى، متكدسين فوق بعضهم البعض”.
وتابع “أصدرت لنا الطائرات بدون طيار تعليمات بالانتقال إلى المستشفى الإندونيسي، لكن هذا الأمر قوبل بالرفض بالإجماع من كل الحاضرين، ولا توجد طريقة آمنة لنقل الجرحى والمصابين، حيث يمكن استهدافنا بلا رحمة من قبل قوات الاحتلال في أي تحرك، خاصة وأن أمر الإخلاء جاء أثناء الليل”.
قلق دولي
وصفت منظمة الصحة العالمية التقارير التي تحدثت عن صدور أمر إخلاء المستشفى بأنها “مقلقة للغاية” ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار في محيط المستشفى.
وكتب رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس على موقع “إكس”، “لقد ظل المستشفى في خضم القتال لفترة طويلة وأصبحت حياة المرضى معرضة للخطر”، مضيفًا أن فرقًا من منظمته تمكنت من توصيل 5000 لتر من الوقود و100 وحدة دم، بالإضافة إلى نقل ثمانية مرضى و13 مرافقًا إلى مستشفى الشفاء.
وقد أدت حرب الإبادة على غزة، إلى استشهاد أكثر من 45200 مواطنا وترك الملايين بلا مأوى ومكتظين في ما يسمى بالمناطق الآمنة الصغيرة.
وفي شمال غزة المحاصر بشدة، تستمر القنابل في السقوط. وقال أبو عميرة: “لم يتوقف القصف، وتقتل الطائرات بدون طيار أي شيء يتحرك. وفي الليلة الماضية فقط، استشهدت فتاة تبلغ من العمر 10 سنوات دخلت ساحة المستشفى في أقل من دقيقة بغارة لطائرة بدون طيار”.
وقد نفد الطعام والماء في مستشفى كمال عدوان منذ أيام فيما الجميع يعاني – المرضى والمرافقون والأطباء على حد سواء”.
الكلاب الضالة تنبش الجثث
ومع استمرار العمليات العسكرية في شمال قطاع غزة المحاصر، يُحظر على فرق الدفاع المدني الدخول. هذا القيد يترك أي شخص مصاب دون إنقاذ، بينما تنبش الكلاب الضالة الجثث.
وقال محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة “إن الاحتلال يمنع الفرق المتخصصة من الوصول إلى المناطق المستهدفة شمال غزة، وهي سياسة تتناقض مع الشرائع السماوية والقوانين الدولية والإنسانية، وقد أدت هذه السياسة إلى افتراس جثث الشهداء من قبل الكلاب الضالة الجائعة التي وجدت في هذه الجثث مصدراً للغذاء”.
وقال يسري أبو الجبين، المحاصر في مبنى قريب من مستشفى كمال عدوان، إنه شاهد بألم الكلاب وهي تنهش جثث الشهداء، ولم يتمكن من التدخل خوفا من أن تهاجمه هو نفسه.
وأضاف “نشاهد من خلال النافذة الكلاب الضالة وهي تنهش أجساد الشهداء بشكل شبه يومي… لقد أصبحوا يرون جثث الشهداء في شوارع شمال غزة كمصدر لغذائهم، إذ لا يوجد ما يأكلونه غير ذلك”، مضيفا أنه حاول تصوير هذا المشهد المقزز لتوثيق ما يحدث للعالم الخارجي.
وقال بصل إنه تلقى أيضًا العديد من التقارير التي تفيد بأن فرق الدفاع المدني عثرت على بقايا هياكل عظمية في المناطق التي أخلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف “إن الاتفاقيات والقواعد الدولية تلزم بتوفير الحماية القانونية للموتى وتمنح ذويهم الحق في معرفة مصيرهم من خلال جمع المعلومات والبيانات وكل الوثائق المتعلقة بالمتوفى. وما يحدث في غزة ينتهك كل هذه الاتفاقيات بشكل صارخ”.