معالجات اخبارية

قيادي في فتح يشكك بمعاناة معتقلي الضفة عبر مزايدة رخيصة  

حاول قيادي في حركة فتح حرف مسار تظاهرة إنسانية نظّمها أهالي معتقلين فلسطينيين في الضفة الغربية، عبر ما وصفه نشطاء ومشاركون بـ”مزايدة رخيصة” هدفت إلى التشكيك في معاناة العائلات بدل الانتصار لقضيتها العادلة.

التظاهرة، التي خرجت للمطالبة بالإفراج عن معتقلين فلسطينيين محتجزين منذ نحو 18 شهرًا في سجون السلطة، شاركت فيها عائلات وأمهات وأطفال رفعوا صور أبنائهم وآبائهم، وركّزت على البعد الإنساني لمعاناة الأسر التي حُرمت من أبنائها، وبعضها يضم أطفالًا وُلدوا أو كبروا دون أن يعرفوا آباءهم خارج جدران السجن.

غير أن جمال نزال، القيادي في حركة فتح والعضو في شبكة أفيخاي الإعلامية، اختار أن يهاجم التظاهرة بدل دعمها، مشككًا في أحد الشعارات التي رفعها الأهالي، والمتعلق بطفل يبلغ من العمر 11 شهرًا ووالده معتقل منذ 18 شهرًا.

وذهب نزال إلى اعتبار هذه الرواية مفبركة، في محاولة لإسقاط مصداقية التظاهرة برمتها.

وقوبل هذا الطرح بموجة انتقادات واسعة، إذ اعتبر ناشطون أن نزال ارتكب خطأً حسابيًا ومنطقيًا فادحًا، فضلًا عن تجاهله المتعمد للواقع.

فحسابيًا، إذا كان الأب معتقلًا منذ 18 شهرًا، والطفل يبلغ 11 شهرًا، فإن الأمر يعني ببساطة أن الحمل سبق الاعتقال بنحو 9 أشهر، ليكون مجموع المدة 20 شهرًا، وهو ما ينسف ادعاء «التلفيق» من أساسه.

وبذلك، فإن الإشكال الوحيد لا يكمن في رواية الأهالي، بل في محاولة نزال توظيف مغالطة سطحية لتحريف بوصلة الحدث.

جمال نزال ويكيبيديا

لكن المسألة لا تتوقف عند خطأ حسابي، بل تعكس – بحسب مراقبين – نمطًا مقلقًا من سلوك بعض قيادات فتح، يقوم على المزايدة الإعلامية والتشكيك في التحركات الشعبية، خصوصًا تلك التي تفضح واقع الاعتقال السياسي والاحتلالي وتحرج الخطاب الرسمي.

فبدل أن يكون القيادي في موقع المدافع عن الأهالي وحقوقهم، اختار الاصطفاف ضدهم، مستخدمًا لغة استعلائية تشي بقطيعة متزايدة بين بعض القيادات وقواعدها الاجتماعية.

ويشير مشاركون في التظاهرة إلى أن ما جرى يأتي في سياق أوسع من محاولات إفراغ التحركات الشعبية من مضمونها، وتحويل النقاش من جوهر القضية – أي استمرار اعتقال الفلسطينيين، بينهم آباء وأمهات وأطفال في سجون السلطة – إلى سجالات هامشية ورخيصة.

وتعكس هذه الحادثة، في نظر كثيرين، مستوى من الجهل أو التعمد في تشويه الحقائق، وتكشف أزمة عميقة في الخطاب السياسي لبعض قيادات فتح، الذين باتوا أكثر انشغالًا بالمزايدة الرخيصة وتسجيل النقاط الإعلامية، من الانحياز الصادق لمعاناة الناس وقضاياهم اليومية.

في المحصلة، لم تفشل محاولة حرف مسار التظاهرة فحسب، بل ارتدت على صاحبها، لتتحول إلى دليل إضافي على اتساع الفجوة بين الشارع الفلسطيني وبعض من يدّعون تمثيله، في وقت تتطلب فيه المرحلة وحدة الموقف والوقوف الصريح إلى جانب عائلات الأسرى، لا الطعن في صدقيتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى