تحليلات واراء

العصيان المدني يتجدد… والنُكتة تلفظ أنفاسها

✍️ المحامي الدكتور عصام عابدين

1. نائب الرئيس والمستشار الخاص: الوراثة في ثوب مدني

حين يُعيَّن “نائب الرئيس” خلافاً للدستور الفلسطيني ووثائق منظمة التحرير الفلسطينية، ويُرافق “الابن المستشار” والده في اللقاءات الرسمية في تحدٍّ للدستور الفلسطيني ومعايير النزاهة والشفافية وتكافؤ الفرص، نكون أمام مشروع توريث فاضح بثوب مدني زائف، وجرائم دستورية موصوفة لا تسقط بالتقادم. في النظام الزبائني، لا يُدار الحكم بمؤسسات، بل بروابط الدم والزبائن، وكأن الدولة عِزبة خاصة تُدار على مقاس العائلة، والمستقبل محجوز سلفاً لمن تربطه صلة قربى أو ولاء مطلق لمن يحكم، بعد سقوط مملكة الشعوذة.

2. ثقافة القطيع: التصفيق أعلى من القانون

النظام السياسي بات أشلاء… والمجلس الوطني ميت، لا يُحيي العظام وهي رميم… والمجلس المركزي عجائز تحت الطلب… والمنظمة ورم سرطاني لا يُرجى شفاؤه. الكل يُطبع مع الانحدار، كأنه قطيع سياسي، وظيفته الوحيدة أن يُصفّق للعبودية، ويُشرعِن ما لا يُشرعَن. لكن الشرعية لا تُمنح من صِبية تجاوزتهم المرحلة، بل من شعب حيّ يقطع مع ثقافة القطيع. والقانون لا يُلغى بالتصفيق… بل يُسقط به الطغاة.

3. سلطة تُفرّخ النكات بدل المستقبل

في هذا النموذج، كل شيء يُعاد تدويره: الوجوه، العبارات، الخلايا السرطانية، وحتى الخيبات. ما يُسمى “منظمة التحرير” فقدت معناها ومغزاها وتحولت إلى ماكينة لإنتاج نكات سياسية رديئة تُستخدم لتبرير العبث والتوريث، لا لبناء مستقبل، ولا لتعزيز الصمود في مواجهة الإبادة الجماعية والتهجير. نائب بلا تفويض شعبي… مستشار بلا مؤهل… وسلطة تُفرّخ النكات السَمِجة… بدلاً من تعزيز صمود الفلسطينيين الأصلانيين على أرضهم وصيانة حقهم في تقرير المصير.

4. آن أوان التحرر من “تحررهم”

لا تحرر، ولا تقرير مصير، تحت سلطة تزدري كرامة الناس وتمتهن إدارة القطيع، وتُطبع مع الذل، وتَحكم بثقافة الإذعان. آن الأوان للشعب أن يتحرر من ثقافة خوف غير مبرر من مملكة الشعوذة، من منظمة تطعن حق تقرير المصير باسم التحرر، وتمعن في احتقار الشعب وسيادة القانون باسم التمثيل، وتُفرغ مفهوم الشرعية من أي مضمون حيّ. لقد صادروا القرار… لكن لا أحد يصادر الوعي الجمعي إذا نهض.

5. جرائم دستورية تُرتكب باسم وثائق مغطاة بالغبار

تعيين نائب الرئيس – ذلك المسمى الذي أسقطه المجلس التشريعي الفلسطيني الأول قبيل انتهاء ولايته (محاولة تعديل القانون الأساسي: مشروع رقم 192/2005/ل) – وتمرير “المستشار الخاص” من بوابة العائلة، ليسا مجرد انتهاكات لوثائق السلطة والمنظمة ومبدأ سيادة القانون، بل جرائم دستورية لا تسقط بالتقادم، ترتكبها أجسام بائدة. الدستور الفلسطيني انتُهِك علناً، وشرعية الشعب دُفنت منذ عقود.

والرد؟ العصيان المدني… لا التصفيق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى