تحليلات واراء

قيادي في فتح يفضح حقيقة أهداف تعيين نائب لعباس

فضح القيادي في حركة فتح عضو المجلس الوطني لمنظمة التحرير أحمد غنيم، حقيقة أهداف تعيين نائب لمحمود عباس في رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية، وربط الأمر بالسعي فقط إلى ضمان قبول إسرائيلي وأمريكي لاستمرار السلطة ونفوذها الضعيف.

وأشار غنيم إلى اقتراب موعد جلسة المجلس المركزي لمنظّمة التحرير التي أثارت جدلاً كثيراً، وتعيد إلى الأذهان التصريح المفاجئ لعباس في القمة العربية في القاهرة، وما تضمّنه من إعلان العفو عن المفصولين من حركة فتح، وعزمه تعيين نائب له.

وتساءل غنيم “ما الذي كان يشغل القمّة بموضوع داخلي لفصيل فلسطيني، ويدفع إلى إعلانه من منبر القمّة؟، خاصّة أن عباس نفسه أعلن قبل أيّام من لقاء القمّة موقفاً مختلفاً من قضية المفصولين، من منبر المجلس الثوري لحركة فتح في فبراير/ شباط الماضي)، حين ردّد مقولته المعتادة “من خرج عنها خرج منها أو من استقلّ فقد استقال” (يقصد من أعضاء “فتح”)، علماً أن هذه المقولة لا أساس لها في النظام الداخلي للحركة”.

وشدد غنيم على أن معظم إجراءات الفصل المذكورة في حركة فتح كانت غير نظامية، مشيرا إلى علاقتها مع واقع الأزمة العميقة في النظام السياسي الفلسطيني، التي امتنعت القيادة الفلسطينية عن معالجتها رغم مطالبات الشعب الفلسطيني وفاعلياته السياسية والوطنية بشكل متكرّر.

وأبرز أن قيادة السلطة تخضع للضغوط الخارجية، حين أعلنت أنها سوف تعدّل في النظام الداخلي لمنظّمة التحرير بخصوص استحداث موقع نائب رئيس للجنة التنفيذية، معرّضة، ليس النظام السياسي فقط للتطويع، بل القضية الفلسطينية لمخاطر كبيرة أيضاً.

ولفت إلى أن موقع نائب لرئيس اللجنة التنفيذية تجربة عرفتها المنظّمة، فترة قصيرة في العام 1969، فقد شغله إبراهيم بكر الذي استقال بعد أقلّ من سبعة أشهر، وأنهى وجود هذا الموقع الفاقد للضرورة، فإشغال موقع رئيس اللجنة التنفيذية وفقاً للنظام، حال شغوره، يتم بشكل طبيعي من اللجنة التنفيذية نفسها.

ارتهان للضغوط الخارجية

بحسب غنيم فإن السؤال عن السبب الذي يجعل هذا الاستحداث مطلباً عربياً ودولياً يُذعن له الرئيس؟، بحيث لم يعد سرّاً على أحد أن مطلب استحداث موقع نائب للرئيس جاء في سياق سياسي يتعلّق بما يسمّى بـ”اليوم التالي”، وتحت ضغط إقليمي ودولي.

وذلك لعبور ما صُوّر ممرّاً إجبارياً بين الموقف الإسرائيلي الرافض لأيّ دور للسلطة الفلسطينية ومنظّمة التحرير وحركة حماس في غزّة، والموقفين العربي والإقليمي، اللذين لا يرغبان في مواجهة مباشرة مع الموقف الإسرائيلي، بينما يسعى إلى تقديم صيغ التفافية لاتفاق قد يلقى قبولاً دولياً، أو أميركياً بشكل خاص.

وقال غنيم إن ذلك يفرض على الحكومة الإسرائيلية التعامل مع الحقائق المتغيّرة، الأمر الذي قد يُؤدّي إلى إعادة تأسيس نظام فلسطيني يحظى بالقبول، حتى لو كان نظاماً هجيناً ضعيفاً ومعقّدَ التكوين.

وأوضح أن الحقيقة الكاشفة لمطلب استحداث موقع نائب رئيس، ليس القلق من شغور الموقع بشكل مفاجئ لأيّ سبب، بل المقصود نقل صلاحيات الرئيس كاملةً، وبشكل فوري إلى نائب رئيس اللجنة التنفيذية، على أمل أن يستجلب ذلك قبولاً إسرائيلياً أميركياً.

وأضاف أنه السيناريو نفسه الذي نفّذ مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، باستحداث موقع رئيس وزراء، بعد أن استعصى على الإدارة الأميركية تطويع الموقف الوطني والسياسي للراحل أبو عمار، ودفعه إلى تقديم تنازلات تمرّر المشروع الصهيوني الأميركي للتسوية النهائية.

استحواذ كامل على السلطات

نبه غنيم إلى أن عباس تمكّن عبر السنوات السابقة، ومن خلال إجراءات متعدّدة، وعدد كبير من الأوامر بقانون التي أصدرها، من أن يستعيد موقع الرئيس الصلاحيات كلّها، بل الاستحواذ، ليس على صلاحيات السلطة التنفيذية فقط، بل على صلاحيات السلطة التشريعية أيضاً.

ولم تسلم السلطة القضائية من ذلك الاستحواذ، فضلاً عن الاستحواذ على صلاحيات المجلس الوطني بعد نقل صلاحياته إلى المجلس المركزي الذي أحكم تشكيله، فلم يعد يملك أيّ إمكانية للعمل أو القرار خارج إرادة الرئيس.

وينطبق الأمر نفسه على أطر السلطة والمنظّمة، بل يطاول القوى السياسية كلّها، الموالية منها والمعارضة، التي باتت قوّة فعلها محصورةً في بيانات محدودة تحاول التمايز في الموقف والتعايش مع حالة الاستحواذ الكاملة للرئيس.

وفي ما يتعلّق بصلاحيات رئيس الوزراء التي استُحدث هذا الموقع من أجلها، فلم يعد لها أيّ وجود، وعادت إلى الرئيس نفسه كما كانت قبل استحداث الموقع، وبقي موقع رئيس الوزراء يتعلّق بإدارة شؤون العمل اليومي للوزارات ومتابعة أعمال الوزراء، وهو في الحقيقة موقع منسّق لعمل الوزراء أو ما اصطلح عليه في الدول التي تتجمّع فيها قوّة السلطات الثلاث برئيس الدولة بالوزير الأوّل.

وأبرز غنيم أنه في ظلّ هذا الواقع، لا يبدو أن استحداث موقع نائب للرئيس، سواء جاء استجابةً للسياق السياسي، وتحت الضغوط الدولية أو الإقليمية، هو الحلّ لما يواجهه الشعب الفلسطيني من تحدّيات، ومن حرب إبادة، ومن تهديد بتصفية القضية الفلسطينية.

وشدد على أن المهمة أمام رئيس السلطة الفلسطينية في هذه اللحظة التاريخية هي مهمة وطنية من الدرجة الأولى، ليس لمواجهة الضغوط الخارجية فقط، بل أيضاً، لقلب السحر على الساحر واستعادة زمام المبادرة وامتلاك الأدوات السياسية والوطنية لمواجهة الضغوط، وذلك عبر مجموعة من القرارات التي تُصلّب الموقف الوطني الفلسطيني أمام التحدّيات والضغوط الخارجية، وتُصلّب موقف الرئيس نفسه أمام ما يواجهه من ضغوط وإملاءات خارجية.

وبحسب غنيم فإن في مقدّمة تلك القرارات المطلوبة من الرئيس، إعلان عودة منظّمة التحرير الفلسطينية إلى غزّة، في اليوم الحالي أو التالي، عودةً تلقائية، لا تحتاج إلى أيّ اتفاق جديد مع دولة الاحتلال، وتشكيل حكومة فلسطينية تلقى قبول مختلف المكوّنات الفلسطينية الوطنية والسياسية والشعبية، وفي مقدمتها حركة حماس، بغضّ النظر عن مسمّيات تلك الحكومة، تكنوقراط أو توافق أو غير ذلك. عنوان واحد يفرض نفسه باسم اصحاب الحقّ، ولا يُفصّل في غيابهم أو بالنيابة عنهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى