حسين الشيخ يغتصب السلطة علنا: عرس سياسي أكثر منه خطوة إصلاحية

وسط صخب التهاني والابتسامات التي تزين ملامح القيادي في حركة فتح حسين الشيخ، يبدو المشهد وكأنه “عرس سياسي” أكثر منه خطوة إصلاحية أو مسؤولية وطنية.
فقد صدر مرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس يمنح الشيخ موقعًا جديدًا في السلطة، في حين يلاحظ مراقبون أن طريقة استقبال المهنئين والفرحة الظاهرة على وجهه توحي أكثر بالفرح الشخصي على الإنجاز الوظيفي منها بالواجب الوطني تجاه شعب يعاني من أزمات متلاحقة.
سميح خلف، القيادي التاريخي في فتح، لم يتردد في وصف المشهد بسخرية لاذعة: “حسين الشيخ تزوج السلطة أم السلطة تزوجت به؟”.
وقال خلف إن الفرحة الظاهرة على وجه الشيخ بمنصبه الجديد تأتي بينما الشعب الفلسطيني يرزح تحت وطأة الواقع القاسي الذي تتجاهله هذه الفرحة. فقد تحولت السلطة، برأيه، إلى كرنفال رسمي يظهر فيه المسؤولون وكأنهم نجوم عروض، بينما الدماء والفقر والحصار والمخاطر اليومية للشعب الفلسطيني تتواصل دون توقف.
وأبرز أن الحقيقة الصادمة تكمن في أن هذه الترقية تأتي في ظل واقع يطرح سؤالًا أساسيًا عن الأولويات الوطنية: هل يجب أن يكون الفرح على وظيفة تأتي مع راتب ومخصصات ومهام، أم على الإنجازات التي تحققها السلطة لصالح شعب يواجه الاستيطان والاجتياحات اليومية، والقتل في الضفة الغربية، والتهويد الصامت للمدن والقرى الفلسطينية؟.
وبحسب خلف، يبدو أن الشيخ، في فرحته بالترقية، يغفل تمامًا الدماء والشهداء والجرحى والحصار والفقر المتزايد.
والانتقاد الموجه للشيخ لا يقتصر على مشهد الفرحة الشخصية، بل يمتد إلى ما تمثله هذه الترقية من رمزية: سلطة فلسطينية مطلوب منها القيام بالإصلاحات، لكنها تقوم بها بدوافع إسرائيلية وأمريكية وغربية، لا بدوافع وطنية حقيقية.
فالسلطة تتحول بذلك إلى أداة مطاطية تلبي مصالح خارجية، بينما القيادات تعيش في فقاعات من الامتيازات والمناصب، بعيدًا عن الواقع اليومي للشعب.
وفي الوقت الذي ينبغي أن يكون فيه رئيس أو مسؤول فلسطيني نموذجًا للتضحية والالتزام بالقضية الوطنية، يظهر الشيخ وكأنه يحتفل بإنجاز شخصي، في كرنفال من المهنئين والمستشارين، متناسياً أن المطلوب منه قيادة إصلاح حقيقي لمؤسسات السلطة، وليس التمويه على الواقع بمظاهر الفرح الوظيفي.
ويطرح هذا المشهد، بحسب خلف، تساؤلات عن مدى مصداقية قيادات السلطة أمام جمهورها: هل يتم العمل من أجل الشعب أم من أجل المناصب؟.
من الناحية الرمزية، فإن السعادة الظاهرة على وجه الشيخ تمثل انعكاسًا لفجوة عميقة بين نخب السلطة والشعب الفلسطيني.
إذ بينما يحتفل المسؤولون بمكاسبهم الشخصية والسياسية، يواجه المواطنون البطالة المتزايدة، وتراجع الخدمات الأساسية، والتهديد المستمر من الاحتلال، والاستيطان الذي يزداد يومًا بعد يوم.
من جهة أخرى، فإن المشهد يسلط الضوء على أزمة قيادة السلطة الفلسطينية نفسها، التي أصبحت أكثر اهتمامًا بالظهور الإعلامي وبالمناصب والمخصصات المالية، وأقل اهتمامًا بالمواجهة الحقيقية للاحتلال الإسرائيلي أو بالتحسين الفعلي لأوضاع الشعب الفلسطيني.
ويعكس الاحتفال بهذا المنصب الجديد في كثير من جوانبه ازدواجية السلطة: إدارة الموارد والسياسات بشكل يخدم مصالح النخب، مع تجاهل الألم والمعاناة اليومية للفلسطينيين.
في المحصلة، يطرح المشهد سؤالاً محوريًا: هل يمكن أن تكون السلطة الفلسطينية قادرة على الإصلاح الوطني في ظل استمرار هذا النمط من الاحتفالات الشخصية والسيطرة على المناصب، أم أن هذه المؤامرات البيروقراطية الداخلية ستظل تبعد القيادة عن الواقع الفلسطيني المأساوي؟.
بالنسبة للناقدين مثل سمّاح خلف، فإن الإجابة واضحة: الفرح الشخصي للقياديين لن يخفف من وطأة الاحتلال ولا من عبء الفقر والمعاناة اليومية، ولن يحوّل كرنفال السلطة إلى إنجاز حقيقي للشعب الفلسطيني.






