في مشهد يفوق الوصف، تحوّلت نقاط توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة إلى ساحات إعدام جماعي. ففي كل مرة يتوافد فيها المدنيون الجوعى بحثًا عن كيس طحين أو عبوة غذائية، يجدون أنفسهم في مرمى نيران جيش الاحتلال الإسرائيلي، في واحدة من أبشع أنماط القتل الجماعي المنظم التي عرفها التاريخ الحديث.
مجازر متكررة في طوابير الإغاثة
منذ فجر اليوم الجمعة، ارتكب الاحتلال مجزرة جديدة بحق الفلسطينيين المتجمعين قرب محور “نتساريم” وسط قطاع غزة، حيث استشهد 25 مدنيًا على الأقل أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات غذائية، فيما أصيب أكثر من 120 آخرين، بعضهم في حالات حرجة.
وأكد شهود عيان أن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص الحي وقنابل من طائرات مسيّرة على حشود المواطنين الذين لم يحملوا سوى جوعهم وأملهم في النجاة. المشهد تكرر مرات عديدة خلال الأشهر الماضية، ولكن هذه المرة، بلغ ذروته في دمويته.
مجازر مروعة في نقاط المساعدات
ووفق بيانات وزارة الصحة، فإن الهجمات الإسرائيلية على مراكز توزيع المساعدات منذ بدء تنفيذ ما يُعرف بـ”خطة الإغاثة الأميركية-الإسرائيلية”، أودت بحياة أكثر من 400 فلسطيني، وأصابت أكثر من 3,000 آخرين، بالإضافة إلى 9 مفقودين.
وفي يوم أمس فقط، ارتكب الاحتلال مجزرة بشعة راح ضحيتها 92 شهيدًا، بينهم 64 في مدينة غزة وشمال القطاع، و22 في الوسطى، معظمهم من منتظري المساعدات.
فخاخ المساعدات والإبادة الناعمة
وتحوّلت مراكز توزيع المساعدات التي أنشأتها ما تُسمى بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، والمدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، إلى مصائد موت. رغم التحذيرات المتكررة وسقوط المئات من الضحايا، تواصل المؤسسة نشاطها وكأن شيئًا لم يكن.
واعتبر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن المؤسسة شريكة مباشرة في جرائم الحرب الجارية، مؤكداً أن تشغيل المراكز رغم المجازر يمثل تواطؤًا في الإبادة الجماعية.
ودعا المرصد إلى فتح تحقيق دولي عاجل، ومحاسبة المتورطين، ووقف الدعم المالي واللوجستي لهذه الجهة.
لم يعد الموت في غزة يأتي من القنابل فقط، بل بات يختبئ في طوابير الإغاثة، وعلى أبواب المساعدات الإنسانية. الاحتلال لا يقتل المدنيين فحسب، بل يُمعن في إذلالهم وتجويعهم ثم يصطادهم وهم يحاولون النجاة.
ويتحمّل المجتمع الدولي، الغارق في الصمت، مسؤولية أخلاقية كاملة عن هذه المجازر المروّعة التي تحدث على مرأى ومسمع من العالم.
