معالجات اخبارية

مبادرات مشبوهة في غزة تزيد الاحتكار وتسبب ارتفاعًا حادًا في الأسعار

في ظل الحصار والحرب التي تعصف بقطاع غزة، ينتظر السكان أي مبادرة تخفف من معاناتهم اليومية وتؤمن لهم احتياجاتهم الأساسية. لكنّ الواقع المخيب ظهر سريعًا، إذ تحولت بعض المبادرات التي رفعت شعار “المساعدة” إلى عامل ضغط جديد، يزيد من أعباء الناس بدل تخفيفها.

المبادرات وتعزيز الاحتكار

وبدلاً من دعم الجهود الرامية لكسر حلقات الاحتكار في الأسواق، قامت بعض المبادرات المشبوهة بشراء المنتجات من التجار والمزارعين المحتكرين بأسعار مرتفعة، مما أدى إلى تشجيعهم على رفع الأسعار بشكل مستمر، ونتج عن ذلك حرمان آلاف العائلات في غزة من أبسط احتياجاتها الغذائية، وسط ارتفاع غير مسبوق في أسعار الخضار والسلع الأساسية.

وهذا الواقع لم يمر مرور الكرام، بل أثار غضب واستياء واسع بين المواطنين، الذين شعروا أن من المفترض أن تكون هذه المبادرات جزءًا من الحل، لكنها أصبحت فعليًا جزءًا من المشكلة.

فمع كل محاولة لتوفير الخضار بأسعار عادلة، تأتي المبادرات لتقلب المعادلة رأسًا على عقب، مضاعفة الأزمة بدلًا من تخفيفها.

وفي ظل تفاقم أزمة الاحتكار وارتفاع الأسعار، انطلقت حملات شعبية ورسمية لمقاطعة المنتجات المحتكرة، بهدف الضغط على التجار المحتكرين وإجبارهم على خفض الأسعار وتوفير السلع الأساسية بأسعار عادلة.

الاحتكار في غزة ومضاعفة الأسعار

ولا يقتصر الاحتكار على الخضار فقط، بل يمتد ليشمل سلعًا أساسية كالدقيق والزيوت والسكر والأرز. حيث يخزن بعض التجار البضائع عمدًا ويرفضون طرحها في السوق إلا في أوقات نادرة مثل إغلاق المعابر أو شح المساعدات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار هذه السلع إلى أكثر من عشرة أضعاف في بعض الأحيان.

ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن سوق الاحتكار السوداء يديرها عدد محدود من التجار الذين استغلوا غياب الرقابة الحكومية بسبب الاستهداف المتواصل للمؤسسات الرسمية من قبل الاحتلال، ليصبحوا المسيطرين على قوت آلاف الأسر في غزة.

وتشير بيانات رسمية إلى أن أسعار السلع الأساسية في قطاع غزة شهدت ارتفاعًا غير مسبوق خلال فترة الحرب، حيث تضاعفت أسعار الدقيق والسكر لأكثر من 1000%، وسط نقص حاد في الإمدادات.

ولم تتجاوز الشاحنات التي تدخل القطاع عبر المعابر خلال هذه الفترة سوى 9% من الكميات التي كانت تصل قبل 7 أكتوبر 2023، مع تسجيل معدل يومي بين 35 إلى 43 شاحنة فقط في الأشهر الأولى من الحرب، مقارنة بحاجة سكان غزة لأكثر من 700 شاحنة يوميًا.

كما أدى قصر عمليات الاستيراد على خمسة تجار فقط إلى احتكار السوق ورفع الأسعار بشكل كبير، في ظل تفاقم أزمة السيولة التي وصلت نسبتها إلى أكثر من 50%، مما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية في القطاع.

المنظمات الأهلية والاحتكار

وفي مواجهة هذه الأزمة، أكدت المنظمات الأهلية دعمها الكامل لكل الجهات التي شاركت في حملات مقاطعة المنتجات المحتكرة، معتبرة ذلك خطوة ضرورية في مكافحة الفساد وحماية حقوق المستهلكين.

وفي الوقت نفسه، حذرت المنظمات من استمرار أي ممارسات أو مبادرات تسهم، سواء بقصد أو دون قصد، في رفع الأسعار أو تعميق الأزمة الاقتصادية، مستهدفة بذلك التجار المحتكرين وأي أطراف أخرى قد تؤثر سلبًا على الأسواق.

وفي مقابل هذه التحديات، أثنت المنظمات على المزارعين الشرفاء الذين وقفوا إلى جانب مجتمعهم في أصعب الظروف، مؤكدة أن دعمهم يشكل خط الدفاع الأول عن الأمن الغذائي وروح التكافل المجتمعي في غزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى