معالجات اخبارية

الوحدة 8200 الإسرائيلية: تجنيد فلسطينيين وتحويل المعلومات لأدوات إبادة

تُعرف الوحدة 8200 (Yehida Shmone Matayim) بـواجهة الاستخبارات الإلكترونية الإسرائيلية. وقد تأسست عام 1952 وتعمل ضمن جهاز الاستخبارات العسكري “أمان”، وتتماثل في مهامها مع الـ NSA في الولايات المتحدة وGCHQ في بريطانيا.

وتعتمد الوحدة الإسرائيلية المذكورة على جمع المعلومات بالمراقبة الإلكترونية (SIGINT)، فك الشفرات، الحرب الإلكترونية، والمراقبة الشاملة.

ويقود الوحدة حاليًا العميد يوسي سارئيل، الذي استقال في سبتمبر 2024 عقب انتقادات فشل الاستخبارات في توقع هجمات 7 أكتوبر 2023 التي نفذتها المقاومة الفلسطينية.

وهذه الوحدة لم تعد مجرد جهاز استخباراتي—بل أضحت مؤثرًا في التكنولوجيا العالية، وتخرّج عناصرها إلى مناصب بارزة في شركات مثل NSO وWaze وCyberArk.

تجنيد فلسطينيين: تحويل الأهداف إلى أدوات

تشير تقارير متخصصة إلى استغلال عِرَف وتقنيات نفسية لتحويل فلسطينيين—وخاصة الأفراد في أوضاعٍ معيشتية قاسية—إلى عملاء أو مساعدين غير طوعيين للوحدة، باستخدام ابتزازهم بمعلومات حساسة.

يُفبرك هذا التحول: من أهداف للرقابة إلى ضحايا ضغوط نفسية يمارسونها ضد جيرانهم أو جماعات المقاومة. وهؤلاء يصبحون “أبواقًا”، ينقلون رسائل تحريضية، توهم الجماهير بدوافعهم الخاصة، بينما هم مجرد أدوات في يد آلة الاستخبارات.

“شبكة أفيخاي”: نموذج للتحريض المشترك

من بين العمليات المزعومة التي توظف هذه الشبكة (شبكة “أفيخاي”)، تبرز حملات التضليل عبر شبكات اجتماعية، تستهدف تشويه صورة فصائل المقاومة الفلسطينية، بهدف ضرب التماسك الداخلي في غزة وتوجيه حراك شعبي ضد هذه الفصائل.

وهذا التوجه العام مرتبط باستخدام بيانات مراقبة لتوجيه الرسائل الإعلامية في اتجاهات تخدم الأجندة الإسرائيلية، من خلال شبكات من العملاء أو المدفوعين سلفًا، بمن فيهم فلسطينيون تم تجنيدهم أو ابتزازهم.

هذا الأسلوب ينطوي على شعارات رنانة وأحيانًا ادعاءات ملفقة أو تصريحات ملفقة تهدف إلى تقويض الرموز الوطنية والمقاومات الشعبية.

قدرات تقنية ضخمة: البيانات والسحابة

تُصرّ الوحدة على استمرار توسيع ناقلتها التقنية. ففي أحدث تلك التطورات، تعاونت مع “مايكروسوفت” لإنشاء بيئة آمنة مخصصة داخل خدمة السحابة Azure لتخزين والبث من قاعدة بيانات ضخمة تشمل ملايين المكالمات الفلسطينية يوميًا، لاستخراج استخبارات مباشرة ترشّد ضربات جوية، اعتقالات، وأعمال قصف أو “تبريرات لاحقة”.

وبحلول منتصف 2025، بلغت التخزينات أكثر من 11,500 تيرابايت بحسب ما كشفت مؤخرا صحيفة Guardian البريطانية.

كما طوّرت الوحدة مؤخرًا نموذجًا ذكياً شبيهًا بـ “ChatGPT” مدرب على رسائل فلسطينية، يتيح تحليلًا واستعلامًا عن أهداف محتملة—تجنيدًا وتحريضًا وسحبًا معلوماتيًا.

وفي فبراير 2023، وصف أحد قادة الوحدة طريقة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد “التهديدات” باستخدام خوارزميات تصنيف، وطبّقها أولًا في غزة بدءًا من 2021.

العمليات الإلكترونية والاستخباراتية

لا تقتصر أعمال الوحدة على جمع البيانات، بل طورت أدوات هجومية مشبوهة. من أبرز العمليات:

Stuxnet ضد المفاعل الإيراني، يُعتقد أنها من تصميم الوحدة.

اختراق شبكة “كاسبرسكي” لتنبيه الولايات المتحدة إلى الهجمات الروسية في 2017.

عملية زرع متفجرات في أجهزة اتصال حزب الله، يُرجّح إشرافها الاستخباراتي الفني.

جوانب داخلية: اعتراضات ورفض

في سبتمبر 2014، وقّع 43 جنديًا احتياطيًا من الوحدة على عريضة رفضوا فيها تنفيذ مهام رسمية ضد السكان المدنيين في الضفة الغربية، مستنكرين استخدام المعلومات الإلكترونية لتحديد أهداف مدنية.

وقد ردت المؤسسة العسكرية بدعوى أن ذلك مضر بالأمن القومي. تلك الرفضات أثارت نقاشًا داخليًا حول أخلاقيات التوظيف الاستخباراتي.

وبالإجمال فإن الوحدة 8200 ليست فقط جهاز تجسس إلكتروني، بل محور محمول في الحرب النفسية والإعلامية ضد الفلسطينيين.

من خلال تجنيد فلسطينيين، استخدام البيانات لابتزازهم، توظيفهم كأدوات، وتطوير نظم ذكاء اصطناعي مبنية على رسائلهم، أصبحت الوحدة جزءًا أساسيًا من الحرب ضد الداخل الفلسطيني.

قدراتها التقنية—من السحابة إلى الذكاء الاصطناعي—تحوّل الاتصالات اليومية إلى أدوات قمع وإدانة مسبقة. وتبرز النتائج أن مكافحة كيان عدواني كهذا تتطلب ضبطًا دوليًا، حماية للحقوق الرقمية، وقوانين تضبط استخدام المعلومات الشخصية في الحروب الحديثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى