في ظل المجاعة والدمار.. مصر تركز على السيطرة الأمنية في قطاع غزة

بينما تستمر المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وتغرق المناطق المحاصرة في كارثة إنسانية غير مسبوقة، تكشف وسائل إعلام عبرية عن تحركات مصرية تركز على إعادة تشكيل المشهد الأمني في القطاع بما يخدم ترتيبات إقليمية متجاهلة لحقيقة الدمار والمجاعة المنتشرة.
خطة مصرية لإحكام السيطرة على غزة
فقد أكدت مجلة “إيبوك” الإسرائيلية أن مصر بدأت بالفعل بتنفيذ خطة أمنية واسعة في غزة، تتضمن تدريب مئات العناصر الفلسطينيين لتولي السيطرة الأمنية الميدانية، في حال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ضمن مساعٍ لإعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع بشكل مدعوم عربياً ودولياً.
وتنص الخطة، بحسب التقرير، على تصفية الحكم الحالي في غزة، وفرض وصاية أمنية عبر “لجنة تكنوقراط” شكلية، تعمل تحت مظلة حكومة رام الله، وتؤمن الغطاء لتغلغل أمني وسياسي بقيادة إقليمية.
ووفقاً لما نشر، يتضمن المسار المصري ثلاث مراحل، تبدأ بمرحلة انتقالية مدتها ستة أشهر، تتولى فيها اللجنة المذكورة إدارة غزة باسم السلطة، يليها مسار “إعادة إعمار” يدوم لسنوات، ويترافق مع تحضيرات لتأسيس مطار وميناء، وصولاً إلى نشر قوات دولية بحجة حفظ الاستقرار، بانتظار اكتمال بناء أجهزة أمنية محلية خاضعة للسيطرة الكاملة.
التقارير نفسها تؤكد أن القاهرة ناقشت الخطة مع جهات أوروبية ودولية، وتسعى لحشد التمويل السياسي والاقتصادي اللازم لها، رغم تجاهلها المطلق لأولوية إنهاء العدوان وفتح المعابر وتدفق المساعدات، في ظل تصاعد المجاعة وتفشي الأوبئة، وانهيار النظام الصحي بالكامل.
أولويات منحرفة عن واقع غزة
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي صرّح في أكثر من مناسبة أن بلاده بدأت بتدريب عناصر شرطة فلسطينية لنشرهم لاحقاً في غزة، وهو ما يثبت وجود مسار تنسيق واضح مع السلطة الفلسطينية بشأن الترتيبات الأمنية، في ظل صمت مريب عن الموقف من الاحتلال، ومما ترتكبه إسرائيل يومياً من جرائم حرب.
ورغم الزخم الإعلامي والدبلوماسي الذي تحاول القاهرة تسويقه، لا يزال الغموض يكتنف الجهة الفعلية التي ستتولى تنفيذ هذا المخطط على الأرض، في ظل غياب أي توافق وطني، ورفض متصاعد في الشارع الفلسطيني لأي مشاريع تعيد إنتاج سلطة التنسيق الأمني، وتمنح الاحتلال أدوات جديدة للهيمنة.
والخطة المصرية تركز على تعزيز السيطرة الأمنية والسياسية في غزة، متجاهلة الواقع الإنساني المتدهور والمطالب الملحة بإنهاء الحرب وفتح المعابر.
وفي ظل استمرار الحصار وتفاقم الأزمة، يبقى القطاع بحاجة ماسة لمئات الشاحنات اليومية من الغذاء والدواء والوقود لإنقاذ ما تبقى من حياة المدنيين.
وهذه التحركات الأمنية لا تختلف في جوهرها عن مشاريع تصفية القضية، بل تشكل امتداداً للمنظور الذي يرى في الشعب الفلسطيني مجرد ملف إداري يحتاج إلى “ضبط”، لا إلى دعم، ولا إلى مقاومة.