موقع ” BBC عربي” يتساوق مع دعاية الاحتلال للتحريض على المقاومة

في خضم الحروب الإعلامية التي تواكب الحروب العسكرية في الشرق الأوسط، يبرز دور وسائل الإعلام الكبرى في تشكيل الرأي العام وفرض روايات معينة تخدم مصالح مختلفة. من بين هذه الوسائل الإعلامية، يبرز موقع BBC “بي بي سي عربي” كأحد المنابر الإخبارية التي تستقطب اهتمام شريحة واسعة من المتابعين في العالم العربي.
ومع تزايد الاهتمام بالقضايا الفلسطينية والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، تزايدت الأقاويل حول تورط هذا الموقع في نشر تقارير إعلامية قد تكون ذات أهداف مشبوهة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالحركة الفلسطينية “حماس” والفصائل المقاومة الأخرى.
التساوق مع ماكينة الدعاية الإسرائيلية
من المعروف أن الإعلام الغربي، وخاصة الإعلام البريطاني، لا يلتزم دائمًا بالحياد في تغطيته للقضية الفلسطينية.
وفي هذا الإطار، يثير “بي بي سي عربي” جدلاً كبيرًا عندما يختار نشر تقارير تساير في بعض الأحيان الرواية الإسرائيلية وتستهدف حركة حماس وفصائل المقاومة.
واحدة من أبرز الأمثلة على ذلك هو التقرير الذي نشره الموقع مؤخرًا حول دفع رواتب عناصر حركة حماس والفصائل المقاومة خلال الحرب.
في هذا التقرير، تساءل الموقع عن مقدار الأموال التي تُصرف على رواتب عناصر حماس والمقاومة الفلسطينية، متطرقًا إلى الأرقام بطريقة خيالية تتجاوز الواقع وتبالغ في تقدير قدرات الفصائل المالية.
وبالرغم من أن الاحتلال الإسرائيلي يتهم حماس باستخدام أموال الدعم الدولي لتمويل العمليات العسكرية، إلا أن هذا التقرير ذهب إلى أبعد من ذلك، ليقدم صورة نمطية مشوهة عن الحركة ومواردها المالية، وتلك الأموال التي يُفترض أن تذهب لمساعدة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وهذا التقرير يأتي في وقت يشهد فيه القطاع أزمة إنسانية غير مسبوقة بسبب الحصار الإسرائيلي وتفشي غير مسبوقة للمجاعة بين مواطنيه.
الدور التخريبي في ضرب الحاضنة الشعبية
من خلال محاولة نشر أرقام ومعلومات غير دقيقة أو مبالغ فيها عن الرواتب والإنفاق المالي لحركة حماس، يعمل التقرير على خلق صورة مغايرة للواقع في قطاع غزة.
إذ أن نشر هذه المعلومات المغلوطة محاولة مفضوحة لزعزعة الثقة بين الفلسطينيين وفصائلهم المقاومة، والعمل على تشويه صورة حماس في أعين الشعب الفلسطيني، مما يؤدي إلى ضرب الحاضنة الشعبية التي تعد أحد العوامل الرئيسية في استمرارية المقاومة.
وبإظهار الحركة بمظهر المنفصلة عن معاناة الشعب الفلسطيني اليومية، يسعى التقرير إلى ترسيخ الفكرة القائلة بأن الحركة تركز على مكاسبها الخاصة على حساب الشعب الذي يعاني من الحصار والجوع والدمار.
هذه الصورة التي يتم ترويجها عبر الإعلام الغربي، بما في ذلك “بي بي سي عربي”، لا تأخذ بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع غزة بسبب الاحتلال، وتقتصر على استهداف القيادة الفلسطينية فقط دون محاولة فهم السياق الذي تعمل فيه.
الفبركة والتحريض على فصائل المقاومة
لا يمكن النظر إلى التقرير عن رواتب حماس والفصائل الفلسطينية كحادثة منفردة أو خطأ عرضي، بل هو جزء من استراتيجية أكبر تهدف إلى التحريض ضد المقاومة الفلسطينية.
يُلاحظ أن التقارير التي تنشرها “بي بي سي عربي” حول هذا الموضوع تتضمن معالجات منحازة للجانب الإسرائيلي، ولا تسعى فقط إلى تقديم أخبار عن الحركة الفلسطينية، بل تعمل على تبرير المواقف الإسرائيلية ضدها.
هذا التوجه الإعلامي يشكل تهديدًا مباشرًا للمقاومة الفلسطينية، حيث يعزز محاولات الاحتلال لشيطنة حماس وتصويرها على أنها منظمة بعيدة عن مصالح الشعب الفلسطيني.
ومن خلال تكرار هذه الأجندة الإعلامية، تنجح المواقع الإعلامية الكبرى مثل “بي بي سي عربي” في خلق بيئة إعلامية تساعد في نشر الخوف والشكوك حول المقاومة الفلسطينية، مما قد يضعف الدعم العربي والدولي لفلسطين ويحول الأنظار عن الجرائم الإسرائيلية التي تُرتكب يوميًا ضد المدنيين الفلسطينيين.
الذكاء الاصطناعي ودوره في تعزيز الدعاية الإعلامية
في الآونة الأخيرة، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا من استراتيجية وسائل الإعلام في تغطية الأحداث السياسية. وتستخدم العديد من المواقع الكبرى مثل “بي بي سي” تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل الأخبار وكتابة التقارير، وهو ما يمكن أن يكون له تأثير مزدوج.
فمن جهة، قد يساعد الذكاء الاصطناعي في توفير المعلومات بسرعة، ولكنه من جهة أخرى قد يُستخدم لترويج روايات مغلوطة أو مشوهة، كما هو الحال في تقارير الموقع عن حركة حماس.
في تقرير “بي بي سي عربي” الأخير، قد تكون التقنيات الذكية قد ساعدت في جمع البيانات وتحليل الأرقام بطريقة تثير الشكوك حول الأموال التي تنفقها حماس، مما يعزز من الرواية التي ترغب إسرائيل في ترويجها حول التمويل العسكري وتجاهل احتياجات السكان في غزة.
تلك التقارير، التي قد يتم تصميمها بواسطة خوارزميات الذكاء الاصطناعي، لا تسعى فقط لتقديم المعلومات بشكل موضوعي، بل قد تُستخدم لتوجيه الرأي العام العربي والدولي ضد المقاومة الفلسطينية، وتساعد في تعزيز الصورة السلبية التي يرغب الاحتلال في تكريسها.
التحقيقات والتغطية الموضوعية في الإعلام
لم يعد من الممكن قبول التقارير الإعلامية التي تقتصر على تقديم سرد محدود لما يحدث في غزة، خاصة عندما تتعلق هذه التقارير بمؤسسات أو حركات مقاومة.
لذلك، يتعين على وسائل الإعلام الكبرى مثل “بي بي سي عربي” أن تكون أكثر دقة في تقاريرها، وأن تقوم بتحقيقات معمقة تأخذ في اعتبارها جميع الأطراف وتبرز الحقائق بشكل موضوعي. كما يجب أن يتم التركيز على قضية الفلسطينيين من منظور إنساني، بعيدًا عن الانحياز أو التضليل الذي يخدم أجندات معينة.
وإن توازن وسائل الإعلام في تغطية الأحداث هو أمر حاسم لضمان عدم استخدام المعلومات بشكل مغلوط أو تحريضي. فبدلاً من الانسياق وراء الدعاية الإسرائيلية أو ترويج الأخبار التي تهدف إلى النيل من المقاومة الفلسطينية، ينبغي على “بي بي سي عربي” أن تركز على نقل صورة دقيقة وشاملة للوضع في غزة، وأن تنقل صوت الفلسطينيين الذين يعانون تحت الحصار والاعتداءات اليومية.