تجار الحروب.. إبراهيم الطويل شريك في تجويع غزة بالاحتكار والكسب غير المشروع

في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة ضد قطاع غزة، ومع تفشي الجوع والفقر والدمار في كل زاوية من هذا الشريط المحاصر، تُطلّ على السطح فئة جديدة من المنتفعين، يجنون الأرباح الطائلة من دماء الناس وآلامهم.
هؤلاء هم “تجار الحروب”، الذين لا يُطلقون الرصاص، لكنهم يسحبون الحياة من أفواه الجائعين عبر الاحتكار والتلاعب بأسواق المواد الأساسية.
ومن بين أبرز الأسماء التي تتردد في هذا السياق، يبرز إبراهيم الطويل، رجل أعمال من مخيم النصيرات وسط القطاع، وصاحب شركة “إبراهيم الطويل للتجارة العامة والمقاولات”.
هذا الاسم بات مرتبطًا بملف الاحتكار والتربّح غير المشروع من تجارة اللحوم والدواجن، التي أصبحت سلعة نادرة ومكلفة في غزة، ليس بفعل الحصار وحده، بل بسبب من يتفنّنون في استغلال الحصار وتحويله إلى فرصة للثراء.
احتكار ما تبقّى من الغذاء
في الوقت الذي يضطر فيه الآلاف من سكان غزة إلى الاعتماد على مساعدات الإغاثة لتأمين وجبة واحدة في اليوم، يشهد السوق المحلي ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار اللحوم والدواجن والبيض.
ويُعزى هذا الارتفاع، بحسب خبراء اقتصاديين ومصادر محلية، إلى التحكم الكلي لشركات بعينها في الاستيراد والتوزيع، أبرزها شركة “إبراهيم الطويل”.
يمتلك الطويل سيطرة كبيرة على سوق اللحوم والدواجن في غزة، سواء من خلال استيرادها من الخارج بالتنسيق مع جهات في مصر ودولة الاحتلال، أو عبر تربطه بشبكات توزيع داخلية تفرض هوامش ربح مرتفعة على البائعين، وتمنع وصول الكميات المستوردة إلى الأسواق الشعبية بأسعار معقولة.
ولعل ما يثير الغضب الشعبي أن الطويل وأمثاله من التجار لا يكتفون بالاحتكار، بل يعمدون إلى سحب السيولة النقدية من السوق عبر آليات مدروسة، من بينها بيع البضائع بأسعار فاحشة نقدًا فقط، في وقت يعاني فيه السكان من شحّ شديد في السيولة، ما يؤدي إلى شلل اقتصادي متفاقم في بيئة حرب تُفترض فيها التضامن لا الجشع.
من النصيرات إلى الثراء السريع
ينحدر إبراهيم الطويل من مخيم النصيرات، أحد أكثر المناطق اكتظاظًا وفقراً في غزة، لكنه استطاع، خلال سنوات الحصار، أن يتحول من تاجر محدود إلى أحد أبرز “أمراء السوق” الذين يحددون أسعار اللحوم والمواد الغذائية الأساسية.
وتكشف تقارير محلية متواترة عن أن الطويل، بفضل علاقاته الممتدة مع متنفذين في المعابر ووسطاء تجاريين خارج القطاع، يحظى بتسهيلات خاصة لدخول البضائع عبر قنوات لا تخضع للرقابة الفعلية، ما يمنحه قدرة على التحكم في العرض وضرب المنافسة.
ويشير تجار إلى أن الطويل يفرض على الأسواق كميات محددة وأسعارًا موحدة، ويمنع دخول المنافسين عبر التهديد بقطع الإمداد أو حرق الأسعار مؤقتًا لإفلاسهم، وهو سلوك يصفه مختصون اقتصاديون بأنه “احتكار جشع يمارس في سوق مغلقة بلا قانون ولا رقيب”.
عندما يتحول الغذاء إلى وسيلة إذلال
يتحدث مواطنون من مناطق مختلفة في غزة عن مشاهد مؤلمة: آباء يعودون خالي الوفاض من الأسواق، أطفال لم يذوقوا طعم الدجاج منذ شهور، مرضى يحتاجون لتغذية خاصة لا يجدونها.
وفي هذا السياق، يتحوّل الغذاء إلى أداة إذلال طبقي، بدلاً من أن يكون حقًا أساسيًا مكفولًا للجميع. ويتحوّل السوق إلى حقل معركة جديد، لا بين مستورد ومستهلك، بل بين بقاء وموت.
وفي ظل الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، يصبح السكوت عن دور هذه الفئة من التجار نوعًا من التواطؤ. لا يكفي الحديث عن العدوان الإسرائيلي، إن لم تُسلَّط الأضواء أيضًا على من يستفيد من الجريمة ويوسّع حساباته البنكية على أنقاض الجوع.