ملامح قوية على فساد إدارة السلطة في عهد حسين الشيخ

تشهد سلطة رام الله في عهد حسين الشيخ الذي جرى تعيينه نائبا لمحمود عباس بقرار منفرد من الأخير، مظاهر متزايدة من الفساد والمحسوبية، تكشف عن مدى تحوّل مؤسساتها إلى أدوات لمصالح شخصية وعائلية، بعيدًا عن التزاماتها الوطنية تجاه الشعب الفلسطيني.
وأحدث الأمثلة على ذلك تعيين محمود عباس، لأمين قنديل الطريفي مديرًا عامًا لهيئة المعابر خلفًا لنظمي مهنا، وهو التعيين الذي أثار موجة من الانتقادات داخل الأوساط السياسية والمجتمع المدني.
إذ يأتي هذا التعيين في إطار نمط متكرر من توزيع المناصب الحكومية على أشخاص مرتبطين بشبكات الولاء السياسي والعائلي المقربة من حسين الشيخ.
فقد سبق أن عيّن عباس شقيق أمين قنديل، أيمن قنديل، رئيسًا لهيئة “الشؤون المدنية”، المسؤولة عن التنسيق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
ويعبر هذا التتابع في تعيين الأفراد المرتبطين بعائلة واحدة عن تكريس واضح لمؤسسات السلطة إلى ما يشبه “مزرعة شخصية”، حيث تُستغل المناصب العامة لتكريس الولاءات الفردية وليس خدمة الصالح العام.
إذ أن أمين وأيمن قنديل، هما جزء من شبكة أوسع من فريق “أزلام” حسين الشيخ، الذين يسعون لترسيخ نفوذ الشيخ على مفاصل السلطة المختلفة.
وهذا الأمر لا يقتصر على التعيينات في المناصب العليا، بل يشمل السيطرة على الموارد المالية والإدارية، ما يجعل اتخاذ القرارات في مؤسسات سلطة رام الله مسألة مرتبطة بالولاء الشخصي بدلًا من الكفاءة المهنية أو المصلحة الوطنية.
حسين الشيخ ويكيبيديا
تظهر الهيمنة العائلية والسياسية التي تمارسها إدارة حسين الشيخ بوضوح في كيفية إدارة هيئة المعابر وهيئة الشؤون المدنية، وهما من أبرز المؤسسات التي تمس حياة الفلسطينيين اليومية، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.
فالسيطرة على المعابر تمنح القدرة على توجيه الحركة الاقتصادية والإنسانية، بينما الهيئة المدنية تشرف على التنسيق السياسي والأمني مع الاحتلال.
وبالتالي، فإن وضع أفراد موالين شخصيًا للشيخ في هذه المواقع الحيوية يعكس تصعيدًا خطيرًا نحو إدارة غير شفافة ومرتبطة بالمصالح الشخصية.
ويشير مراقبون حقوقيون وسياسيون إلى أن هذا النمط من الإدارة يعكس فشلًا مؤسسيًا منهجيًا، حيث تصبح السلطة أقل قدرة على تقديم خدمات فعالة للمواطنين، وأكثر عرضة للانحراف عن مبادئ الحكم الرشيد والمساءلة.
وقد أضرت هذه الممارسات بثقة المواطنين في مؤسسات السلطة، حيث يشعر الفلسطينيون أن قرارات التعيين والتنظيم الإداري تخدم مصالح نخبة ضيقة بدلًا من تلبية حاجاتهم الأساسية، سواء في الصحة أو التعليم أو الخدمات المدنية الأساسية.
إضافة إلى ذلك، يسلط هذا الوضع الضوء على ضعف الرقابة الداخلية وآليات مكافحة الفساد، إذ لم يُسجّل أي تحرك جدي من الأجهزة الرقابية أو النيابة العامة تجاه ما يُنظر إليه كممارسات فساد إداري ومحاباة واضحة.
ويجعل غياب الشفافية من الصعب محاسبة المسؤولين عن القرارات الإدارية التي تؤثر على حياة المواطنين اليومية، ويكرس هيمنة شبكات الولاء على ميزانية السلطة ومواردها الاستراتيجية.
والنمط نفسه يظهر في كيفية إدارة شؤون القطاع الاقتصادي والمساعدات الدولية، حيث غالبًا ما يتم توجيه الموارد وفقًا للأولويات الشخصية أو الولاءات السياسية، بدلًا من تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا للمجتمع الفلسطيني.
ويصف مراقبون الوضع بأنه “سلطة ما بعد محمود عباس”، حيث يتحول النفوذ إلى سلطة شخصية على غرار المزارع الإدارية، تتقاطع فيها المصالح العائلية والسياسية مع التحكم في مؤسسات الدولة.





