
في اليوم العالمي للسكان، كشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عن أرقام صادمة تؤكد أن قطاع غزة يعيش أسوأ كارثة إنسانية في تاريخه، حيث تراجع عدد السكان بنسبة 10% مقارنة بالتقديرات السابقة، ليبلغ 2.1 مليون نسمة فقط حتى منتصف عام 2025.
ويأتي هذا الانخفاض نتيجة مباشرة للحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي أدت إلى استشهاد أكثر من 57 ألف فلسطيني، بينهم 18 ألف طفل و12 ألف امرأة، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود وهجرة عشرات الآلاف خارج القطاع.
كارثة غزة وعدد السكان
وأشار تقرير “الإحصاء” إلى أن أكثر من 14 ألف رضيع يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية، في ظل تدمير شبه كامل للبنية التحتية الطبية في غزة.
وبحسب الأرقام، تم استهداف 94% من المنشآت الصحية، إضافة إلى تدمير 144 مركبة إسعاف، ما أدى إلى استشهاد 1,411 من الكوادر الطبية وإصابة 1,312 آخرين، فضلاً عن اعتقال 362 من أفراد الطواقم الصحية.
وأوضح التقرير أن العدوان الإسرائيلي خلف أزمة مجتمعية عميقة، حيث استشهد 39,384 طفلاً فقدوا أحد والديهم أو كليهما، بينهم 17 ألف طفل فقدوا الأم والأب معًا.
كما دمرت الحرب أكثر من 178 مدرسة ومبنى جامعي بالكامل، ما حرم 620 ألف طالب من مواصلة تعليمهم، و39 ألفاً من تقديم امتحانات الثانوية العامة للسنتين المتتاليتين 2024 و2025.
وبلغ عدد الفلسطينيين حول العالم حتى منتصف عام 2025 نحو 15.2 مليون نسمة، وفق تقرير “الإحصاء”.
ويعيش حوالي نصفهم خارج فلسطين التاريخية، بينما يقطن 5.5 مليون داخل الأراضي الفلسطينية (2.8 مليون ذكر و2.7 مليون أنثى)، إلى جانب 1.9 مليون فلسطيني في مناطق 1948.
مجتمع فتي يواجه الإبادة
ولم تكن الضفة الغربية بمنأى عن الانتهاكات، حيث استشهد 990 فلسطينيًا وأُصيب أكثر من 6,700 آخرين برصاص قوات الاحتلال والمستوطنين منذ بداية الحرب.
كما ارتفع معدل البطالة إلى 31% خلال عام 2024، مقارنة بـ18% في العام السابق، في ظل تراجع كبير في عدد العمال الفلسطينيين داخل (إسرائيل) من 107 آلاف إلى 21 ألفًا فقط، أي بانخفاض يقارب 80%.
ورغم كل هذه الكوارث، لا يزال المجتمع الفلسطيني يتمتع بتركيبة سكانية فتيّة، إذ يشكل من هم دون سن الثلاثين نحو 65% من السكان (63% في الضفة، 68% في غزة)، ويبلغ عدد الأطفال دون 18 عامًا حوالي 43% من إجمالي السكان.
ومنذ بداية أكتوبر 2023، تواصل القوات الإسرائيلية شن هجمات شاملة على قطاع غزة، مدعومة بشكل مباشر من الولايات المتحدة.
وهذه الهجمات لم تقتصر فقط على القصف الجوي والبرّي، بل ترافقت مع سياسة ممنهجة للتهجير القسري، ونقص حاد في الغذاء والدواء، بالإضافة إلى تدمير واسع للبنى التحتية الحيوية.
وأسفرت هذه العمليات عن سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، أغلبهم من المدنيين بينهم نساء وأطفال، إلى جانب آلاف المفقودين ونزوح جماعي ضخم، مما أدى إلى تفاقم أزمة المجاعة وتدهور الأوضاع الإنسانية رغم التحذيرات الدولية، وغياب أي إجراءات فعالة لوقف هذه الانتهاكات.