معالجات اخبارية

تحقيق بريطاني يؤكد على ارتباط العصابات المسلحة في غزة بالاحتلال

نشرت قناة “سكاي نيوز” البريطانية تحقيقًا تلفزيونيًا موسعًا قدّمت فيه “أدلة ترقى إلى المستوى الجنائي” على وجود “تعاون منظم” بين العصابات المسلحة في غزة وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وبحسب القناة، جرى الوصول إلى هذه الخلاصات عبر “تحليل مخبري للفيديوهات” المتداولة وربط بياناتها بسياقاتها وملابساتها المكانية والزمانية، واستكمالها بمصادر خاصة وتقاطعات ميدانية.

وخلص التحقيق الذي اعتمد منهجية تتبّع بصري وجغرافي، إلى مجموعة حقائق متماسكة. أولها أنّ “أربع ميليشيات” على الأقل تطوّق القطاع بطوله، وتتمركز جميعها “داخل مناطق يسيطر عليها الاحتلال” حتى بعد الانسحاب الجزئي الذي تلا اتفاق وقف إطلاق النار.

وثانيها أنّ نقاط تموضع هذه العصابات لا تبعد “أكثر من 400 متر” عن مواقع ثابتة لجيش الاحتلال، ما يجعل خطوط الاتصال والدعم اللوجستي—إذا صحّت—منخفضة الكلفة وسريعة الاستجابة.

ويذهب التحقيق إلى ما هو أبعد من التموضع العسكري، ليلقي الضوء على “شبكات الإمداد والمعيشة”.

فبينما وثّقت وكالات الإغاثة والطواقم المحلية تجارب قاسية لأهالي غزة مع الجوع وندرة المياه والوقود، ظهرت لدى تلك الميليشيات “إمدادات منتظمة” من طعام وماء ووقود.

ووفق التحقيق، توافدت تلك الإمدادات عبر “معبر كرم أبو سالم” و”معبر بيت حانون (إيريز)”، أو مباشرة من مواقع عسكرية إسرائيلية محاذية.

وقد أظهر التفكيك الرقمي لمقاطع مصوّرة “شعارات “صندوق غزة الإنساني”” على بضائع مخزّنة في مستودعات تابعة للميليشيات، في وقتٍ تكرّرت فيه حوادث مميتة عند طوابير انتظار “الصندوق” نفسه.

العصابات المسلحة في غزة

الشقّ الأخطر في النتائج يتصل بـ”القدرات العسكرية واللوجستية” لتلك المجموعات: أسلحة خفيفة ومتوسطة، ودراجات نارية حديثة، وسيارات دفع رباعي.

وبعض المركبات—بحسب صور عُولجت رقميًا—تظهر بلوحات ترخيص إسرائيلية، بما يفتح باب التساؤلات حول مصدرها ومسارات وصولها.

ويعزّز التحقيق حجته بالإشارة إلى تصريح علني لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 6 يونيو/حزيران الماضي قال فيه إن الجيش يقوم “بتسليح “عشائر بعينها” في غزة” “حفاظًا على أرواح الجنود”، وهو ما يتقاطع مع النمط الذي ترسمه “سكاي نيوز”.

وقد بدت منهجية التحقيق صلبة على مستويين: “التحقق الجغرافي (Geolocation)” عبر مطابقة المعالم البصرية في المقاطع مع صور أقمار صناعية وخرائط مفتوحة المصدر، و”تحليل البيانات الزمنية” (الظلال، حالة الطقس، حركة المرور على المعابر) بما يسمح بإسناد زمني موثّق.

وهذا النمط من الصحافة الاستقصائية الرقمية بات معيارًا في السنوات الأخيرة لتفكيك السرديات المتنازع عليها في مناطق النزاع، ويكتسب وزناً حين تتراكم الإشارات على “نمط عمل” لا مجرد حوادث معزولة.

كما تثير النتائج قلقًا لدى الهيئات الإنسانية حول “نزاهة سلاسل التوريد” ومخاطر تسرب المساعدات إلى جهات مسلحة، بما يقوّض ثقة السكان في آليات الإغاثة ويزيد هشاشة البيئة الإنسانية.

والمطلوب، وفق خبراء حقوقيين وعسكريين استطلعت “سكاي نيوز” آراءهم، هو “تحقيق مستقل” يأخذ بعين الاعتبار الأدلة الرقمية التي رُفعت إلى مرتبة “قرائن جنائية”: الوصول إلى المواقع التي حدّدها التحقيق، أخذ إفادات ميدانية، مراجعة سجلات المعابر والإمداد، واستدعاء الجهات العسكرية المعنية للإجابة عن “ثغرات الإشراف” على خطوط الإغاثة والتموضع.

كما يُفترض بالوكالات الإنسانية الدولية تعزيز آليات “تتبع المساعدات” وتقليل نقاط التسرب، صونًا لثقة السكان الذين دفعوا أثمانًا فادحة على مدى العام الماضي.

وبالمجمل فإن التحقيق البريطاني، وضع “سلسلة متماسكة من الأدلة” على الطاولة: ميليشيات محيطة، تموضع ملاصق لمواقع الاحتلال، إمدادات مستمرة في قلب شح خانق، وموجودات لوجستية يصعب تفسيرها بعيدًا عن مظلة دعم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى