“المُشغِّل واحد.. لكن المهام مختلفة”.. حرب غزة تفضح منظومة التجنيد والدعاية المساندة للاحتلال

فضحت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة منظومة التجنيد والدعاية المساندة للاحتلال التي تضم عملاء يعملون بشكل مباشر أو غير مباشر، لصالح جيش الاحتلال داخل غزة وفي الفضاء الرقمي، بما يعري ملف شائك من “شبكات التشغيل” وأساليب الحرب الهجينة التي تمزج بين الأدوات العسكرية والاستخبارية والإعلامية.
وتضم هذه المنظومة مجندون ميدانيون للاقتحام والفحص بحيث يُستَخدمون كعناصر أمامية لتفتيش الأنفاق والممرات قبل تحرك القوات الإسرائيلية، اتقاءً للعبوات والكمائن.
بموازاة ذلك تعمل شبكة أفيخاي بمهمة التماهي مع سردية الاحتلال ودفع الخطاب العام نحو إدانة المقاومة وتشويه صورتها. ويستهدف هذا المسار “الجيوش الإلكترونية” والذباب الرقمي وحساباتٍ مُدارة بتعمليات من الاحتلال أو منسقة مع توجهاته.
وليس بعيدا عن ذلك تبرز عصابات مسلحة دعمها جيش الاحتلال من أجل يوظف بعضهم لتمشيط الأحياء الداخلية قبل دخول الجيش خشية الكمائن، في تنويعٍ على دور “الدليل المحلي” أو الميليشيا المرتبطة مصلحيًا أو أمنيًا بالقوة المهاجمة.
حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة
تنسجم أنشطة هذه المنظومة مع توصيفٍ أوسع لحرب هجينة تديرها دولة الاحتلال في قطاع غزة تشمل آلة عسكرية كثيفة النيران، يتساند معها نشاط استخباري يعتمد عملاء يتولون المصادر البشرية المحلية، إضافة إلى عمليات تأثير معلوماتي عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل.
ويقول باحثون في دراسات الأمن والإعلام إن هذا المثلث يُنتج بيئةً مربكة للمدنيين، إذ يتقاطع فيها الخطر المادي مع حملات تشويه وتضليل تستهدف المعنويات والسلوك العام، خصوصًا حين تترافق مع حصار طويل وانهيار خدمات أساسية.
ويقف في مقدمة ذلك “شبكة أفخاي” التي لا تقتصر على الحسابات الناطقة باسم الجيش، بل تمتد إلى مؤثرين فلسطينيين وعرب وصفحات إخبارية سريعة التداول، تستخدم إطارات سردية ثابتة: تحميل المقاومة كلفة الدمار، تصوير الإجراءات الأمنية الداخلية كـ“فوضى وإعدامات”، والتقليل من وطأة الانتهاكات الإسرائيلية أو نسبها إلى “أخطاء معزولة”.
في المقابل، تظهر حملات مضادة فلسطينية تسعى لتوثيق الانتهاكات على الأرض، وإبراز الإجماع الأهلي على محاربة شبكات التجسس والعصابات المسلحة، مع التأكيد ـ في خطاب فصائلي ومدني ـ أن التصدي للاختراق الأمني ضرورةٌ وجودية في بيئة حربٍ طويلة.
ويكشف فضح واقع “المُشغِّل واحد.. لكن المهام مختلفة” عن وعيٍ متنامٍ بطبيعة الحرب المركّبة في غزة: احتلالٌ يوظّف مزيجًا من الأدوات العسكرية والاستخبارية والإعلامية لإضعاف الجبهة الداخلية، مقابل مقاومةٍ تحاول سدّ ثغرات الاختراق وتحصين الرواية العامة. وبينهما، يبقى المدنيون في مرمى النيران المادية والمعنوية.