معالجات اخبارية
أخر الأخبار

مراكز الموت في غزة.. هل تُخفي آلية التوزيع الأمريكية خطة قصف ممنهجة؟

لم تمضِ ساعات على افتتاح مركز توزيع جديد للمساعدات، صباح اليوم، جنوب محور نتساريم وسط قطاع غزة، بإشراف القوات الإسرائيلية وبالتنسيق مع شركة أمنية أمريكية، حتى خرج عن السيطرة مجددًا، واندلعت فوضى عارمة وسط الجوعى، أعقبها مباشرة قصف إسرائيلي جوي ومدفعي طال محيط الموقع.

وفي غضون 48 ساعة، وثقت صحة غزة وقوع 9 شهداء وأكثر من 60 إصابة بنيران الجيش الإسرائيلي قرب مراكز المساعدات التي تديرها الشركة الأمريكية في رفح، في تصعيد دموي جديد يُسلّط الضوء على المخاطر الحقيقية التي يتعرض لها المدنيون وسط هذه الفوضى.

والغارة التي استهدفت نقطة توزيع مساعدات وسط قطاع غزة، تضع مزيدًا من علامات الاستفهام حول ما يُعرف بـ”الآلية الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات”، التي ثبت ميدانيًا أنها واجهة تضليلية تخفي خلفها أجندات عسكرية وأمنية، وليست آلية إنسانية حقيقية.

مراكز الموت في غزة

ومنذ اليوم الأول لتطبيق هذه الآلية، بدت الصورة واضحة، آلاف الجوعى يندفعون نحو نقاط التوزيع بعد شهور من الحصار والتجويع، في ظل غياب أي تنظيم إنساني حقيقي.

وفي مشهد أعاد للأذهان مجاعات كبرى، اقتحم المواطنون المراكز، وانتشرت مشاهد نهب للطعام والمساعدات، بينما كانت القوات الإسرائيلية تطلق النار في الهواء، قبل أن يتطور المشهد إلى قصف دموي.

“المساعدات” تحت سيطرة الاحتلال

وأكدت تقارير حقوقية أن كميات كبيرة من “المساعدات” التي وصلت للمراكز خضعت لعملية استيلاء مسبق من قبل جيش الاحتلال على شاحنات تابعة لمؤسسات خيرية مثل “رحمة” العالمية، ثم أُعيد تغليفها وتوزيعها عبر شركات أمريكية أمنية بإشراف مباشر من الجيش الإسرائيلي.

وفي السياق، أوضحت وكالة الأونروا أنها لا تشارك في هذه الآلية، مؤكدة أن “العمل الإغاثي الحقيقي يجب أن يصل إلى الناس في أماكنهم، لا أن يتم جمعهم في مناطق خطرة تحت تهديد القصف”.

وتصريحات الأونروا تؤكد الشكوك حول نوايا الاحتلال من هذا النظام الجديد لتوزيع المعونات.

 الاحتلال يستخدم الغذاء كسلاح حرب

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن “الجوع يتصاعد والوضع الإنساني الكارثي يتفاقم، والاحتلال الإسرائيلي يواصل إغلاق المعابر ويمنع إدخال المساعدات ويعرقل عمل المنظمات الدولية”.

وأضاف المكتب في بيان صحفي: “يتفاقم الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة مع تصاعد معدلات الجوع وانعدام الأمن الغذائي، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، وعرقلة عمل المنظمات الدولية ومنعها من إدخال أطنان من الغذاء والطحين للجوعى، وهي متكدسة بشكل كبير على المعابر، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف”.

وأكد المكتب: “ندين بأشد العبارات هذه السياسة الممنهجة التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي والتي تستخدم الغذاء كسلاح حرب ضد المدنيين، ونؤكد أن استمرار منع تدفق المساعدات يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان”.

وتابع البيان: “نحمّل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن تفاقم الكارثة الإنسانية التي تهدد حياة 2.4 مليون إنسان مدني في قطاع غزة”.

ودعا المكتب الإعلامي الحكومي “المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى تحمّل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية العاجلة، والتحرّك الفوري والفاعل للضغط على الاحتلال من أجل فتح المعابر بشكل كامل ودون شروط، وضمان وصول الغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية إلى السكان المحاصَرين الذين جوعهم الاحتلال”.

وختم البيان بالتحذير من أن “صمت المجتمع الدولي شراكة ضمنية في الجريمة، واستمرار التلكؤ في اتخاذ إجراءات رادعة سيؤدي إلى مزيد من الضحايا والمآسي”.

 توزيع المساعدات أو توزيع الموت؟

وما يجري في غزة تجاوز حدود “الفشل الإنساني” ليصبح سياسة مكرسة للموت التدريجي. فمراكز التوزيع—وهي نقاط أنشأها الاحتلال الإسرائيلي بإشراف مباشر من قواته وبالتنسيق مع شركات أمنية أمريكية، لتوزيع مساعدات تمت مصادرتها وإعادة تغليفها—باتت مصائد موتٍ جماعي، والآلية التي قيل إنها إنسانية، أثبتت أنها أداة جديدة بيد الاحتلال لخنق الفلسطينيين والتحكم في مصيرهم.

وتكرار فقدان السيطرة ليس صدفة. بل يبدو كأنه جزء من تصميم استراتيجي خبيث، يجمع بين الجوع والفوضى، والقصف، في تركيبة واحدة قاتلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى