
استيقظ الغزيون صباح اليوم، على مجزرة جديدة عند نقطة توزيع مساعدات أمريكية، حيث استُشهد 30 مدنيًا فلسطينيًا اختناقًا، وأصيب المئات بحالات اختناق شديدة، بعد أن أُغلق عليهم ممر ضيق وهم يتدافعون للوصول إلى المعونات التي أعلنت عنها مؤسسة “غزة الإنسانية”.
وبحسب شهود عيان، بدأ المواطنون بالركض من مسافات بعيدة بعد انتشار خبر افتتاح النقطة، قبل أن يُحشروا في ممر حديدي مغلق لا يتّسع للعشرات، وسط غياب أي تنظيم إنساني أو أمني.
ولم تكتفِ القوات الأمريكية بذلك، بل تصعّدت المأساة عندما أقدم الجنود على إغلاق البوابة وإطلاق غاز الفلفل بكثافة، محولين الموقع إلى غرفة غاز خانقة، وساحة رعب اختنق فيها الناس حتى الموت.
السلاح الجديد في نقاط المساعدات
وهذه ليست حادثة معزولة، بل جزء من نمط متكرر منذ بدأت مؤسسة “غزة الإنسانية” توزيع مساعدات أميركية دون تنسيق مع الأونروا أو أي جهة إغاثية رسمية.
فوفق بيانات حكومية في غزة، ارتفع عدد الشهداء في مواقع توزيع المساعدات إلى أكثر من 800 شهيد و5,200 مصاب منذ 27 مايو/أيار الماضي، معظمهم سقطوا في مشاهد دهس وتدافع واختناق مشابهة.
ويصف مراقبون هذه النقاط بأنها “مصائد موت” أكثر منها محطات إغاثة، تُدار ضمن خطة ممنهجة تنزع عنها كل معايير السلامة، وتُستخدم فيها أسلحة غير قاتلة على الورق – كغاز الفلفل – لكنها تُفضي إلى نتائج قاتلة في الواقع، خصوصًا في ظل التزاحم والجوع وغياب ممرات إخلاء أو إشراف طبي.
مخطط مدروس للقتل
ورغم الادعاءات الأميركية المتكررة بأن هذه المساعدات “إنسانية”، فإن الواقع يكشف غير ذلك. فقد أقر جنود إسرائيليون في تقارير إعلامية بتلقيهم أوامر بإطلاق النار والغاز لتفريق الحشود عند نقاط المساعدات، بينما تمنع سلطات الاحتلال دخول أي مساعدات حقيقية عبر المعابر منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولا تسمح بالإمدادات إلا ضمن شروط سياسية وصفقات مشبوهة.
ووصف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة هذا النهج بأنه:”مخطط مدروس يهدف إلى نشر الرعب، وتحويل رغيف الخبز إلى مهمة انتحارية.”
وفي ظل استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات عبر المعابر الرسمية، تُظهر “آلية المساعدات الأميركية” في غزة وجهًا جديدًا للقتل البطيء ليس فقط عبر الجوع، بل عبر الخنق الجماعي، والفوضى المتعمدة، واستخدام أدوات قمعية وسط الحشود الجائعة.
والحادثة التي وقعت اليوم ليست مجرّد تصادف، بل تعكس تنفيذًا متعمّدًا لخطة عسكرية مخفية خلف غطاء إنساني، تهدف إلى فرض السيطرة وتجميل صورة واشنطن، حتى لو كان ذلك على حساب أرواح المدنيين الأبرياء.