
في ظل حصار خانق مستمر منذ ما يقارب العامين، يعاني سكان قطاع غزة من مجاعة حقيقية لم يعد بالإمكان إنكارها حتى من قبل كبريات وسائل الإعلام الغربية.
صحيفة نيويورك تايمز لم تخفِ حجم المأساة حين قالت بصراحة: “أطفال غزة يموتون جوعًا”. وبدورها، نقلت شبكة سي إن إن عن تصاعد معاناة القطاع مع الجوع، متسائلة: هل سيستمع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لصوت المعاناة التي تزداد يومًا بعد يوم؟.
وفي تقرير صادم، نقلت صحيفة الغارديان عن وكالة أممية أن موظفيها في غزة يُغمى عليهم من الجوع، فيما وصفت وكالة “الأونروا” الواقع في غزة بـ”جثث تمشي” – وصف مروع يوضح حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني تحت حصار مشدد منذ أشهر.
وهذا التغيير في نبرة الإعلام الغربي بعد شهور من الصمت أو التغطية الباهتة، لا يُعد إلا اعترافًا مؤلمًا بجرم يُرتكب أمام أعين العالم سياسة تجويع ممنهجة تنفذها إسرائيل بحق سكان غزة.
المجاعة في غزة
وفي السياق، أوضحت جاك تايلور، مديرة التمريض في منظمة “أطباء بلا حدود” بقطاع غزة، أن الوضع الإنساني “مأساوي ويفوق الوصف”، مشيرة إلى أن مظاهر المجاعة تتضاعف يومًا بعد يوم، وأن المنظومة الصحية تنهار تمامًا مع نقص حاد في المعدات الطبية، ما يضع الطواقم الصحية في مواجهة كارثية مع زيادة أعداد المرضى.
وأضافت تايلور أن الأطفال والنساء الحوامل يعانون من ضعف شديد ونقص في التغذية، ما يهدد حياتهم بشكل مباشر، مؤكدة أن حتى الطواقم الطبية نفسها تعاني من الجوع، وأن بعض العاملين لا يجدون ما يأكلونه في ظل هذا الحصار القاتل.
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، استشهد وأصيب أكثر من 202 ألف فلسطيني، بينهم غالبية من النساء والأطفال، كما أن هناك أكثر من 9 آلاف مفقود، بالإضافة إلى مئات آلاف النازحين الذين يعانون من نقص الغذاء والأدوية والخدمات الأساسية.
وعلى الرغم من اتفاقات سابقة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل إغلاق المعابر بشكل كامل، معتبراً المساعدات الإنسانية تهديدًا أمنيًا، وهو ما يُضاعف من عمق الأزمة ويجعل من غزة ساحة لإبادة جماعية بطيئة.
وفي اللحظة التي يعترف فيها الإعلام الغربي بواقع المجاعة في غزة، يكون بذلك قد اعترف بفشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين، وبانحياز واضح لصالح دولة الاحتلال التي تمارس سياسة ممنهجة من التجويع والترهيب والقتل البطيء.
غزة تموت اليوم من الجوع، والصمت الدولي يجعل من هذا الموت شهادة على تورط العالم في واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية إيلامًا في العصر الحديث.