شكري أبو عون… أداة في شبكة أفيخاي لضرب غزة من الداخل

في المشهد الإعلامي الفلسطيني، يطفو على السطح بين حين وآخر أسماء أشخاص يقدّمون أنفسهم كـ”أصوات وطنية ناقدة”، بينما تثير مواقفهم وخطابهم كثيراً من الشكوك حول حقيقة دوافعهم وخلفياتهم وتورطهم في مؤامرة مفضوحة لضرب غزة من الداخل.
أحد هؤلاء هو شكري أبو عون، الذي بات اسمه مرتبطاً، بشبكة أفيخاي الإسرائيلية التي تنشط في الفضاء الرقمي للتحريض على المقاومة الفلسطينية وضرب الجبهة الداخلية في قطاع غزة.
من هو شكري أبو عون؟
وُلد شكري أبو عون عام 1990 في مخيم جباليا شمال قطاع غزة. لم يبرز اسمه في بداياته ضمن أي إطار سياسي أو إعلامي كبير، غير أن حضوره أخذ في التزايد مع اشتداد الأزمات المعيشية في القطاع، مستفيداً من منصات التواصل الاجتماعي ليقدّم نفسه كصوت معارض للوضع القائم.
تشير بعض المصادر إلى أنه لم يستطع إكمال مساره الأكاديمي بشكل طبيعي، فلجأ إلى الحصول على شهادة جامعية من إحدى الجامعات المحلية بطرق وصفت بـ”المثيرة للجدل”.
لكن الأهم من تعثره الأكاديمي هو تحوّله إلى شخصية مثيرة للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ بات معروفاً بخطابه الهجومي الذي يغلب عليه التهجم والشتم، بعيداً عن لغة النقد السياسي الرصين أو المبني على رؤى وأرقام وتحليلات موضوعية.
حراك “بدنا نعيش”.. منصة للظهور
برز أبو عون بشكل أكبر حين انضم إلى الفريق المؤسس لحراك “بدنا نعيش”، وهو الحراك الذي انطلق في قطاع غزة بدعوى الدفاع عن الأوضاع المعيشية للفلسطينيين.
غير أن الحراك، سريعاً، أثار تساؤلات كثيرة بعدما كشفت تحقيقات وتقارير صحفية عن تلقيه دعماً من جهات خارجية تحمل أجندات سياسية مشبوهة، بعضها على ارتباط مباشر بأجهزة استخباراتية أو مؤسسات غربية تسعى لتوظيف الأزمات الإنسانية في غزة كأداة ضغط على المقاومة.
كان أبو عون من بين أبرز الأصوات في ذلك الحراك، إذ لجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتوجيه انتقادات حادة إلى حركة حماس التي تحكم القطاع، محملاً إياها وحدها مسؤولية الأزمة الاقتصادية والحصار، بينما كان لافتاً أنه يعفي الاحتلال الإسرائيلي تماماً من أي مسؤولية عن الحصار أو تردي الأوضاع في غزة.
يرى نشطاء فلسطينيون أن منشورات أبو عون لم تكن بريئة أو نابعة من حرص صادق على الوضع المعيشي، بل كانت محاولة مكشوفة لبناء حالة معارضة تُسهّل له مستقبلاً فرص الحصول على اللجوء السياسي خارج القطاع.
وفي إبريل 2017، أوقفته الأجهزة الأمنية في غزة على خلفية منشورات اعتُبرت مسيئة للمقاومة الفلسطينية، ما أثار موجة من السجال والجدل، بين من اعتبر اعتقاله تعدياً على حرية الرأي، ومن رأى أن خطابه تجاوز الخطوط الوطنية الحمراء وأضر بالمشروع الوطني والمقاوم.
الهروب من غزة… وفضائح لاحقة
بعد الإفراج عنه، غادر شكري أبو عون قطاع غزة، متنقلاً بين مصر وتركيا، إلى أن استقر في عدة دول أوروبية بحثاً عن ملاذ سياسي.
وخلال تلك الفترة، طفت على السطح اتهامات متعلقة بسلوكيات غير قانونية، حيث أشارت تقارير إلى تورطه في قضايا مرتبطة بالممنوعات في أوروبا، وهو ما أسفر عن اعتقاله في اليونان والحكم عليه بالسجن قبل الإفراج عنه بكفالة مالية.
هذه الأنباء أضافت المزيد من الغموض حول شخصيته، إذ بدا أبو عون في نظر كثيرين شخصية مضطربة، تحمل أجندة غير واضحة، وغير مستقرة أخلاقياً أو سياسياً.
الترويج لرواية أفيخاي… ضرب الجبهة الداخلية
رغم كل الفضائح والاتهامات، واصل شكري أبو عون نشاطه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، محاولاً تقديم نفسه كمعارض “ثوري”، يطالب بـ”تغيير النظام السياسي في غزة”.
لكن المتابعين يرون أن خطابه تطوّر ليأخذ منحى أخطر، إذ بات يتقاطع بشكل لافت مع الخطاب الإسرائيلي الذي يقوده الناطق باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، وأذرعه الإعلامية على منصات التواصل.
فعلى غرار خطاب أفيخاي، يركّز أبو عون في منشوراته وتصريحاته على تحميل المقاومة المسؤولية عن الأوضاع في القطاع، والتحريض على التظاهرات والاحتجاجات، والدعوة إلى إسقاط حكم حماس.
وفي كثير من الأحيان، تتزامن منشورات أبو عون مع حملات إعلامية إسرائيلية تستهدف النيل من الروح المعنوية لأهالي غزة، وإحداث شرخ بين المقاومة وسكان القطاع. وتحديداً خلال الحروب أو التصعيدات العسكرية، يظهر خطاب أبو عون متناغماً مع ما تروّج له صفحات الاحتلال من ضرورة وقف المقاومة والتخلي عن “المغامرات العسكرية” التي تجرّ الدمار للمدنيين.
أداة لضرب وحدة المجتمع الغزي؟
يرى مراقبون أن شكري أبو عون لا يمثّل مجرد حالة فردية، بل جزء من شبكة أوسع تتلقى التوجيه والدعم، هدفها ضرب وحدة المجتمع الفلسطيني في غزة وإضعاف حاضنة المقاومة الشعبية.
إذ أن مضمون رسائله ليس إصلاحياً بقدر ما هو ساعي إلى الفوضى والتشكيك في الخيارات الوطنية، تماماً كما تريد إسرائيل التي تجد في الانقسام الفلسطيني ضالتها الاستراتيجية.
ويقول كثيرون إن أسلوب أبو عون القائم على الشتم والتحريض وافتعال الفضائح، لا يخدم مشروعاً وطنياً ولا يبني معارضة حقيقية، بل يعكس أجندة تُستخدم كأداة ضغط خارجية على غزة، سياسياً وأمنياً.
وفي المحصّلة، يشكل شكري أبو عون نموذجاً صارخاً للمعارضة الزائفة التي تتغذى من أزمات غزة، لكنها تتحوّل عملياً إلى أداة في يد خصوم القضية الفلسطينية، وفي مقدمتهم الاحتلال الإسرائيلي.