بنوك فلسطينية تستنزف نصف راتب موظفي السلطة في غزة

سادت حالة من الغضب في أوساط الموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية بعد قرار سلطة النقد الفلسطينية السماح للبنوك، وعلى رأسها بنك القدس وبنك الأردن والبنك العقاري، بخصم نسبة من القروض على الموظفين، رغم الظروف الإنسانية الكارثية التي يعيشها قطاع غزة.
فقد أكدت سلطة النقد في بيان لها ضرورة التزام المصارف بعدم تجاوز نسبة الخصم من أقساط قروض موظفي القطاع العام لشهر حزيران الماضي نسبة 25%.
وجاء ذلك عقب إعلان وزارة المالية صرف 50% من دفعة الراتب، الأحد 8 حزيران/يونيو 2025، وبحد أدناه 2000 شيكل.
وأوضحت وزارة المالية أن بقية المستحقات القائمة هي ذمة لصالح الموظفين وسيتم صرفها عندما تسمح الإمكانيات المالية، في حين انعكس القرار على شكل موجة غضب واسعة بين الموظفين الذين اعتبروا أن اقتطاع جزء من راتبهم — رغم صرف نصف الراتب وتأخيره — يمثل تجاهلاً صارخاً لظروفهم المعيشية الصعبة، خصوصاً في ظل المجاعة والحصار في غزة.
بنك القدس وبنك الأردن
واتهم موظفون من غزة بنك القدس برئاسة مجلس إدارته أكرم عبد اللطيف جراب، بتنفيذ “مخطط إجرامي لتجويع آلاف الموظفين”، عبر خصم القروض رغم الظروف الاستثنائية التي يعيشها القطاع، معتبرين أن هذه السياسات تمثل “تواطؤاً مباشراً مع الاحتلال ومخططاته في فرض المجاعة”.
كما وجّهت اتهامات حادة إلى سيف خضر عيسى، المدير الإقليمي لـ بنك الأردن، بأنه “يتسبب بجوع آلاف الأطفال في غزة عبر سياسات غير إنسانية”، حيث أكد الموظفون أن إدارة البنك في رام الله أقدمت على خصومات كبيرة وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من نصف الراتب، في تجاهل تام للحرب والإبادة التي يتعرض لها القطاع.
غياب سلطة النقد
ويرى موظفون ونشطاء أن هذه السياسات ليست مجرد إجراءات مالية، بل “تنفيذ مباشر لمخططات تهدف لإضعاف صمود الشعب الفلسطيني في غزة”، متهمين إدارات بعض البنوك بأنها تعمل كـ”أدوات ضغط بيد الاحتلال”، عبر تجويع الموظفين وأسرهم في ظل غياب تام لدور سلطة النقد الفلسطينية.
وانتقد موظفون في غزة صمت زملائهم وعدم التعبير عن الظلم الواقع عليهم، مطالبين بضرورة “رفع الصوت ومواجهة قرارات البنوك الجائرة”، مؤكدين أن “الصمت لن يحمي الأطفال من الجوع”.
وأشاروا إلى أن “البنوك تحولت إلى أداة عقاب جماعي ضد موظفي غزة، في وقت يُفترض أن تكون فيه شريكاً في الصمود لا أداة للتجويع”.
في الوقت الذي يعيش فيه قطاع غزة حرب إبادة وحصاراً خانقاً، وجد عشرات الآلاف من الموظفين أنفسهم أمام معركة جديدة مع البنوك الفلسطينية التي واصلت سياسة الخصومات القاسية على الرواتب، وإن قرارات بنك القدس وبنك الأردن والبنك العقاري، بدعم من سلطة النقد الفلسطينية، تمثل شكلاً من أشكال العقاب الجماعي المفروض على سكان غزة.
واستمرار هذه الإجراءات في ظل المجاعة المتفاقمة لا يمس فقط قوت الأطفال وأمن العائلات، بل يشكل إدانة أخلاقية ووطنية لهذه المؤسسات، التي فضّلت مصالحها المالية الضيقة على حساب مسؤوليتها الوطنية والاجتماعية في لحظة تاريخية فارقة يمر بها الشعب الفلسطيني.