تحليلات واراء

محللون: رد حماس على ترامب وضع الإدارة الأمريكية في مأزق جديد

في أول ردّ رسمي على “ورقة ترامب” بشأن غزة، أعلنت حركة حماس موقفًا سياسيًا وصفه مراقبون بالمتوازن، حيث جمع بين الانفتاح على البنود الإنسانية والسياسية التي تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، وبين التمسك بالثوابت الوطنية الرافضة لأي مساس بسلاح المقاومة أو فرض وصاية دولية على القطاع.

وقد أثار هذا الرد سلسلة من المواقف والتحليلات لعدد من الكتّاب والسياسيين والناشطين، الذين أجمعوا على أن الحركة أظهرت مسؤولية سياسية وواقعية، ونجحت في وضع الإدارة الأمريكية والاحتلال أمام مأزق جديد.

رد حماس على ورقة ترامب

وقال الكاتب الصحفي وسام عفيفة إن رد حركة حماس على ورقة ترامب يعكس مزيجًا من الواقعية السياسية والتمسك بالثوابت الوطنية، موضحًا أن الحركة لم تتعامل مع الورقة ككتلة واحدة للرفض أو القبول، بل اختارت مقاربة تفصيلية تُميّز بين البنود التي يمكن الشروع فيها فورًا، كوقف الحرب، وانسحاب الاحتلال، ومنع التهجير، وبين البنود التي تمسّ جوهر الحقوق الفلسطينية، مثل نزع سلاح المقاومة وفرض الوصاية الدولية، والتي أحالتها الحركة إلى الموقف الوطني الجامع.

وأضاف عفيفة أن هذا الرد جاء بعد مشاورات واسعة داخلية وفصائلية ومع وسطاء إقليميين ودوليين، ما يمنحه طابعًا وطنيًا لا يعكس فقط موقف الحركة بل موقفًا فلسطينيًا عامًا، حيث حرصت حماس على لغة دبلوماسية رحّبت بالإيجابي وتجاهلت ما يتعارض مع حق الشعب في تقرير مصيره.

وأكد أن أهمية الرد تكمن في انسجامه مع المواقف العربية والإسلامية التي عبّرت عن تحفظات واضحة على الخطة، سواء من مصر وقطر أو من باكستان، ما يجعل الموقف الفلسطيني أقرب إلى الإجماع الإقليمي والدولي الداعي لمراجعة الورقة.

الردّ بين المرونة والصلابة

ومن جهته قال الكاتب السياسي د. إياد القرا إن رد الحركة على مقترح ترامب جاء وفق استراتيجية الانتقاء، حيث تعاملت الحركة مع المقترح بذكاء، فميّزت بين البنود، ورحبت بما يخدم المصلحة الوطنية، ورفضت ما يمسّ الثوابت.

وأوضح القرا أن البنود المرحّب بها شملت وقف العدوان، انسحاب الاحتلال من غزة، إدخال المساعدات، ورفض التهجير، فيما وُضعت البنود الإشكالية مثل مستقبل إدارة غزة والترتيبات الأمنية للنقاش دون التزامات مسبقة.

وأشار إلى أن الخطوط الحمراء تمثلت في رفض قاطع لنزع سلاح المقاومة أو فرض وصاية دولية على القطاع، لافتًا إلى أن لغة الرد كانت سياسية ودبلوماسية متزنة، منحت الحركة صورة الطرف المسؤول غير المعطل والمتجاوب بمرونة مع الوسطاء.

وأضاف القرا أن الرد انسجم على المستوى الوطني مع مواقف الفصائل والنخب الفلسطينية التي رفضت تصفية غزة أو فصلها سياسيًا، كما التقى على المستوى الدولي مع انتقادات للخطة التي وُصفت بالمنحازة للاحتلال والخالية من ضمانات حقيقية لوقف الحرب وإنهاء الحصار.

وبيّن أن الرسائل الضمنية للرد شملت الداخل الفلسطيني بتأكيد أن المقاومة مشروع وطني يدير السياسة والميدان، وللاحتلال بأن فرض الاستسلام لن ينجح، وللوسطاء بالانفتاح المشروط بالثوابت، وللعالم بأن أي حلّ يجب أن يوقف العدوان ويرفع الحصار، مؤكدًا أن الخلاصة هي أن الرد يوازن بين المرونة التكتيكية والصلابة الاستراتيجية ويعزز صورة المقاومة كفاعل سياسي وطني لا يمكن تجاوزه.

رد حماس ومسار المفاوضات

بدوره قال الكاتب محمد القيق إن الموقف بعد رد حماس جعل موقف نتنياهو وترامب ضعيفًا جدًا على صعيد أهالي الأسرى الإسرائيليين الذين فرحوا بأن أبناءهم سيعودون، كما جعل موقف ترامب ضعيفًا أمام العالم إذا أصر على التهديد وساهم في الإبادة، وبالتالي لا مبررات حتى أمام أصدقاء أمريكا لأي فعل جنوني.

وأضاف القيق أن البيان أعاد ترامب مجبرًا للمفاوضات على أمور مرحلية تخص الأسرى والانسحاب، وحرم ترامب من الاستفراد بالقرار وموقع الآمر الناهي، كما حرمه من هدفه الأساسي الذي أراد فيه تشتيت جهود العالم لإنشاء دولة فلسطينية، حيث صيغة التوافق الوطني والتشاور مع الوسطاء والأشقاء الواردة في البيان تعني أن اليوم التالي في غزة فلسطيني وليس انتدابًا بريطانيًا جديدًا، وبالتالي فإن تعديلات نتنياهو ذهبت أدراج الرياح.

ترامب وقع في فخ المقاومة

وأشار القيق إلى أن بيانات من الدول العربية والإسلامية ستبارك موقف حماس، وبالتالي تصبح الدول التي تسلح بها ترامب أيضًا تدعم رد الحركة، وهذا يعني أن المفاوضات ونقاش التفاصيل بات أمرًا إجباريًا، موضحًا أن الرد أسس لمشهد جديد لم يعد فيه الأمريكي في قوته السابقة وتجاوز محطات هيمنة إقليمية، وهذا من الممكن أن يصعّد جنون ترامب ونتنياهو بإشعال المنطقة دون مبرر كما كانوا يحضّرون بشرعنة المهلة التي رسموها، ليقع ترامب في فخ المقاومة.

أما الناشط ذو الفقار سويرجو فقال إن ترامب وقع في فخ الرد الذكي الذي قطع الطريق على نتنياهو لأي ردود صادمة، مشددًا على أنه يجب وقف قصف غزة لإطلاق سراح الأسرى، وهذا لا يكفي، فبدون انسحاب الجيش من المناطق المأهولة لا يمكن الوصول للجثث ولا للأسرى، مؤكدًا أن الميدان سيفرض واقعًا جديدًا دون أي تفاوض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى